أقلام حرة

عدم الانحياز وفلسطين / كاظم الموسوي

وتؤثر على مسار السياسات الاستراتيجية. وفي استمرارها وانعقاد مؤتمرات قمة لها مؤشرات على مكانتها السياسية وتأثيرها على القرارات الدولية ايضا. لاسيما وإنها الان اكبر تجمع دولي بعد الامم المتحدة، اذ تضم في عضويتها 120 دولة، من بينها اغلب الدول العربية، إلى جانب 15 دولة تشارك في اجتماعاتها بصفة مراقب بالإضافة إلى 17 منظمة إقليمية ودولية من كل القارات على المعمورة.

واصلت حركة عدم الانحياز اهتمامها بالقضية الفلسطينية كقضية عادلة ومشروعة منذ اواسط السبعينات وما زالت تعمل من اجلها، مع ان جامعة الحكومات العربية التي من المفروض ان القضية الفلسطينية قضيتها المركزية وشاغلها الرئيس لم تعمل مقابلها بذات الاهتمام والعمل السياسي، كما ان بعض اهلها انشغل عنها بالمفاوضات والعلاقات العامة وتعريضها الى مخاطر النسيان والإنكار لها، وتحويل ملفاتها الى رفوف المنظمات الدولية التي تتحكم فيها الاهواء السياسية ولعبة الامم واللوبيات الصهيونية المعروفة بامتياز جلي. كما ان تسارع بعض الحكومات العربية الى التطبيع مع الكيان الاسرائيلي واحد من ابرز المؤشرات الخطيرة المتجهة صوب تصفية القضية والتهرب من المسؤوليات المتعلقة بها. ومن بينها تصريحات اقرب الى  الكبائر المحرمة، وأبرزها ما اعتبره وزير خارجية عربي فصائل التحرير الفلسطينية منظمات ارهابية. وهذه المواقف لها تداعياتها على مسيرة الحركة.

عموما اصدرت الحركة بيانات تأييد للقضية الفلسطينية وتحملت مسؤولية العمل من اجلها في المنظمات الدولية. وظلت القضية في جدول اعمالها وبيانات اجتماعاتها الختامية، وعلى مختلف المستويات، وليس آخرها اجتماع وزراء خارجية الحركة، في التاسع والعاشر من شهر أيار مايو، بمدينة شرم الشيخ المصرية، لحشد التأييد للقضية الفلسطينية ولمناقشة تطورات الأوضاع في بعض اعضائها، إلى جانب قضايا اخرى.

وكما هو معلوم انها كانت وراء عملية الحشد الدولي لتأييد عضوية فلسطين الكاملة بمنظمة اليونسكو، ونسقت في اغلب القضايا التي تهم اعضائها في مختلف القارات.

تعرب الحركة بعد كل اجتماع لها في بيانات خاصة عن فلسطين عن "اسفها العميق" لاستمرار القضية الفلسطينية بدون حل بعد مرور أكثر من 64 عاما، وتردي الوضع في الاراضي الفلسطينية على جميع الاصعدة. وتقلق الحركة باستمرار إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم جائر، جراء السياسات والممارسات الاسرائيلية العدوانية وغير المشروعة، مدينة بشدة الاعتداءات العسكرية على الشعب الفلسطيني واستمرار حملات الاعتقال غير المشروعة للفلسطينيين.

وتعتبر في بياناتها الاستيطان الصهيوني انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، معربة عن ادانته، كذلك ما اسمته بـ "العقاب الجماعي" من قبل الكيان ضد الشعب الفلسطيني، مطالبة بالكف فورا عن مثل هذه الانتهاكات، وإنهاء حصاره غير المشروع لقطاع غزة بصورة دائمة. وتدعو الحركة المجتمع الدولي إلى التأكد من إجراء التحقيقات الدقيقة في كل الجرائم التي ارتكبتها الكيان ورفضت السياسات الصهيونية الاستعمارية في فلسطين. ومثل غيرها تشدد حول الوضع الفلسطيني الداخلي على ضرورة تحقيق المصالحة والوحدة الفلسطينية ودعم منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. كما تؤكد على نيل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة على ارضه.

تأسست حركة عدم الانحياز في مؤتمر باندونغ في اندونيسيا (18-24/4/1955) وانشغلت بقضايا التحرر الوطني من الاستعمار. وفي عام 1975 دخلت قضية فلسطين اهتمامها الفعلي بعد ادراجها على جدول اعمال مؤتمر وزراء خارجية الحركة في مدينة ليما في البيرو (25-30/8/1975) تحت بند خاص بها: "قضية فلسطين ومسألة الشرق الاوسط والأراضي العربية المحتلة"، وقبول منظمة التحرير الفلسطينية عضوا كاملا فيها. وبعد عام طرحت قضية القدس بالاسم في قمة كولومبو (سريلانكا 16- 19/6/1976) حين طالب المؤتمر الدول الأعضاء بالوقوف "صفا واحدا في صد مساعي اسرائيل لتهويد الأراضي المحتلة ولاسيما القدس والخليل (ودعوتها) لممارسة الضغط على اسرائيل في الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والوصول الى امكانية حرمانها من عضوية هذه المنظمات جميعا". كما "أكد رؤساء الدول والحكومات التزامهم بالاتفاق مع جميع الدول والقوى المحبة للسلام باتخاذ جميع التدابير في اطار الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن لمجابهة تحدي اسرائيل المستمر، وانه يتعين عليهم بصفة خاصة تطبيق كل العقوبات اللازمة بحق اسرائيل، وكذلك فرض الحظر الشامل والإلزامي عليها، وإقصاؤها عن المجتمع الدولي، ومن الضروري أيضا دراسة الاجراءات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي يجب اتخاذها بحق البلدان التي تساند النظام العنصري الصهيوني".

بشان موقف الولايات المتحدة الصارخ في دعمها للكيان الاسرائيلي دان وزراء خارجية دول عدم الانحياز في مؤتمرهم في نيودلهي (9- 12/2/1981) "بشدة استمرار الولايات المتحدة في موقفها المعادي للحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية وللانسحاب الشامل غير المشروط من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة ومنها القدس. ودعا الوزراء مجلس الأمن الى اتخاذ التدابير اللازمة لإعادة السلم والأمن الدوليين وصونهما وفقاً لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة". هذا الموقف الذي عرضه المؤتمر يطالب باجبار الكيان على الامتثال لقرارات الأمم المتحدة وباستخدام جميع الوسائل الزجرية بما فيها القوة العسكرية. وهو موقف متقدم على الموقفين العربي والإسلامي، كما هو واضح. و"أهاب الوزراء بجميع الدول ألا تتعامل مع اسرائيل او تقوم بأي عمل من شأنه ان ينطوي على الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ولو بصورة ضمنية".

حركة عدم الانحياز تجمع عالمي يتطلب من العرب والفلسطينيين خصوصا الاستفادة منها وتقدير دورها ودعمها بكل القدرات وعلى مختلف الاصعدة، والاعتبار من التجارب التاريخية وعدم تضيع فرصها بانتظار فرص صعبة لا تأتي لوحدها في عالم تتحكم فيه المصالح واللوبيات المعادية لطموحات العرب والفلسطينيين اساسا. فهل سيكون اجتماع شرم الشيخ الجديد القادم نافعا ومثمرا للقضية العربية ومحكا لفضح المتخلين عنها؟!.

 

كاظم الموسوي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2110 الجمعة  04 / 05 / 2012)


في المثقف اليوم