أقلام حرة

حرب الامبريالية الالكترونية الجديدة / كاظم الموسوي

وتستخدم جوانب منها في حروبها وعدوانها الوحشي. وأصبح هذا الاستخدام جزءا من مخططات الهيمنة الامبريالية وأسلوبا من اساليبها في الهجوم والعدوان على الشعوب والدول التي تستهدف منها. وكذلك حملت هذه التطورات في جوانبها العسكرية اسمها كحروب الكترونية، وتمهد ممارستها وتطبيقاتها لأرضية استمرارها بأشكال اخرى وصولا الى جرائم الحروب العسكرية، او الى التوازي بين اشكال الحروب التي تخوضها القوى الاستعمارية والعدوانية وتعمل من اجلها.  وتطبق هذه الحروب الالكترونية اساليبها المتميزة التي يقتضي بعد كشفها وتعرية اخطارها وانتهاكاتها محاكمتها مع من يقف وراءها كجرائم ومجرمي حرب وإبادة وضد الانسانية. ولا يختلف الامر فيها وفي المسؤولية عنها عن القيادات العسكرية التي تخطط وتشن حروبها العسكرية العدوانية وتستخدم اسلحتها النارية الفتاكة، ولاسيما المحرمة منها. ولابد من ادانة هذه الحروب وقياداتها السياسية في الادارات العدوانية الحربية التي تعمل من اجل الهيمنة والسيطرة وانتهاك حقوق الانسان والشعوب ونهب الخيرات والأضرار في الامن والسلام العالميين والقانون الدولي.

فضح كثير من خطط الحرب الالكترونية العدوانية ومشاريعها في الهجوم على المؤسسات العلمية الايرانية، وبالتأكيد لم تتوقف عندها فقط، ولكنها هي المستهدفة اكثر من غيرها. وتنظم الادارات الاستعمارية وقواعدها العسكرية في المنطقة دورها في هذه الحروب. مع التنويع في اساليبها او استخدام ممارسات اخرى مدانة هي الأخرى، كاغتيال العلماء. متخذة من عنوان "البرنامج النووي" ذريعة لها وكذلك من مخاوف القواعد العسكرية الاستراتيجية في المنطقة والادعاء بضرورة مهاجمته للتخلص منه. وقد بدأت الادارة الامريكية حربها السرية والعلنية عليه منذ سنوات كما هو معروف. فالعمليات السرية ضد ايران والتي امر بها الرئيس السابق بوش الثاني مستمرة حتى الان، حيث وقع الرئيس الحالي باراك اوباما على مرسوم سري عام 2008 خصص 400 مليون دولار لجماعات معارضة للقيام بتفجيرات واغتيالات بهدف استفزاز ايران ودفعها للرد على الولايات المتحدة لصناعة مواجهة عسكرية بينهما. يضاف الى تلك الممارسات التصريحات الكثيرة حول شن حرب عسكرية او وضع ونشر خطط عسكرية وأهداف محددة وساعات صفر لتلك الحرب والأدوار الاخرى التي يمكن ان تقوم بها قواعد عسكرية او محمياتها في المنطقة. ويأتي توزيع الادوار بين وقت وآخر ضمن الحرب النفسية والإعلامية التي هي اساليب اخرى ايضا. كما نشر موقع صهيوني معروف تأكيدات على وقائع معروفة وإشارات اخرى لحرب الامبريالية وتوابعها. مثل ما حصل فعلا من تدريبات لقوات اميركية بمختلف الأسلحة، البرية والجوية والبحرية، وأجهزة استخباراتها لمواجهة "اليوم التالي" لهجوم على منشآت ايران النووية، وكذلك تمرينات اخرى مشتركة مع توابعها في اكثر من بلد مجاور. أو ارسال الولايات المتحدة (22 نيسان/ ابريل الماضي) لعدد من طائرات "الشبح" المقاتلة القاذفة للقنابل "اف-22"، والتي يعتقد انها من السرب 302، من قاعدة الميندورف- ريتشاردسون في ألاسكا الى قاعدة الظفرة الجوية في الامارات العربية المتحدة، لتنضم الى طائرات "اف-15" من الجناح 104 من حرس ماساتشوسيتس الجوي القومي، التي نقلت الى قاعدة العيديد الجوية في قطر في آذار/ مارس الماضي. ومهمتها تدمير سلاح الجو الايراني وبطاريات الدفاع الجوي لتمهيد السبيل لقاذفات قنابل اميركية و"اسرائيلية" لتقوم بعمليات ضد مواقع ايران النووية والبنية التحتية الاستراتيجية لجيشها وقوات الحرس الثوري. وتدعم بالطائرات المنتشرة على حاملتي الطائرات "ابراهام لينكولن" و"انتربرايز"، اللتين ستنضم اليهما حاملة طائرات ثالثة بمجرد ان يبدأ الهجوم. هذه الوقائع لا تضيف جديدا على حقيقة الاستهداف والضغوط الاخرى التي تمارسها القوى الاستعمارية وتهدد بها وتشنها بمختلف الاشكال.

اعلنت ذلك وسائل الاعلام ايضا. وأشارت الى فيروس "ستكسنت" الذي هاجم البرنامج النووي الإيراني في عام 2010، والفيروس الجديد، الذي اطلق عليه اسم "فليم"  والى ما نشرته شركة كاسبرسكي لاب الروسية، التي تصنع برامج أمن الإنترنت، بان الأدلة تشير إلى أن الفيروس الاخير له قدرات تجسسية تفوق بعشرين مرة الفيروس السابق. وهذه الفيروسات هي اسلحة الحرب الالكترونية الجديدة. وتتنافس الولايات المتحدة وقاعدتها المحلية في تلميح او تبني اطلاقه. وفي تقارير صحفية افيد منها ان الكيان الاسرائيلي وما لديه من قدرات تقنية متطورة يمارس فعليا هذه الاشكال من الحرب بالتخطيط والتنسيق مع الادارة الامريكية وأجهزتها العدوانية. كما تعلن ذلك الادارة الامريكية.

اذ نقلت صحيفة الغارديان البريطانية (2/6/2012) في تقرير موسع  لها تحت عنوان: "الولايات المتحدة لاعب رئيس في الهجوم الالكتروني على برنامج إيران النووي" معلومات رسمية في شأن حرب فيروسات الكمبيوتر التي تواجهها إيران حاليا. واعترفت انها حملة منسقة، اقر بها مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي، حسبما نشر في عرض كتاب معد للنشر قدمته صحيفة نيويورك تايمز. مؤكدين دور الولايات المتحدة في هذه الهجمات الالكترونية الاكثر تطورا على الاطلاق لشل برنامج إيران النووي. مع الاشارة إلى أن ما فعله أوباما ليس سوى استكمال لمخطط باشره بوش الثاني وأطلق عليه اسم "الألعاب الأولمبية". وهدفه هو ذاته في استخدام فيروسات لمهاجمة برنامج إيران النووي وتدميره الكترونيا. وعلقت الغارديان على ما اضافته المصادر من أن أوباما يشرف شخصيا على برنامج الهجوم الالكتروني على إيران بمشاركة الكيان الاسرائيلي، بأن هذا الكشف سلط الضوء من جديد على التطور السريع في قدرات الحرب الالكترونية الأمريكية، كما كشف استعداد أمريكا استخدام الاسلحة الالكترونية بشكل هجومي لتطبيق سياساتها.

الامر لم يعد سرا وهو شكل جديد من الحرب الامبريالية الامريكية وتوابعها. وما يدخل في هذا البرنامج الخطير وتداعياته، هو الذي يقتضي الانتباه له، لاسيما من يموله ومن يتبرع له ومن يوفر له الخدمات اللوجستية وغيرها، وربما هو الاخطر.

 

كاظم الموسوي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2142 الثلاثاء  05 / 06 / 2012)


في المثقف اليوم