أقلام حرة
امبراطورية ميم / يسرا القيسي
نتحاور وتتعالى أصواتنا عاليآ بين معارض ومؤيد لكن رجالات الساسة أعتادوا أن يضعوا طينآ في آذانهم فهم وحدهم يقررون وعلينا بتنفيذ قرارتهم ..،
منذ فترة ومن خلال متابعتي اليومية لربيع ثورات الشعوب العربية .. كنت أنوي كتابة مقالآ عن حكامنا المستبدين وأجري مقارنة بينهم ..، لكنهم بالتأكيد كلهم تجمعهم صفة واحدة أساسية هي الديكتاتورية وقمع حرية رأي الآخر وداء العظمة التي تلازمهم من أول لحظة جلوسهم على كرسي الرئاسة، يتلذذون بسفك دماء شعوبهم .. الديكتاتورية هي صفة ملازمة لهم سلوكآ وسياسة، قولآ وفعلآ ..،
فبين معدومٍ ومهزوم ومحروق ومخلوع ومقتول لاحظوا مصائر ديكتاتورياتنا تبدأ بحرف الميم ونحن بأنتظار مصير الديكتاتور في سوريا هل سينضم الى هذه الامبراطورية ؟ هذا هو مصير الديكتاتوريات لا تتنازل عن كرسيها الأ بعد أن تثور الشعوب عليها لتجر ذيول هزيمتها بأنتصار ثورة الشعوب بأرادتها وأصرارها على التغيير .. هذا هو قدرنا، قدر الشعوب العربية أن تحكمنا الديكتاتورية بالحديد والنار، أن تستبدنا وتنتزع حقوقنا وأنسانيتنا وأحيانآ تغتصب وتنتهك أعراضنا أمام مرأى ومسمع العالم أجمع ..، قدرنا الأحمق أن تكون مصائرنا بأيدي القتلة .، وقدرهم أن تكون نهايتهم مخزية وغير مشرفة على أيدي الثوار الشرفاء ..،
منذ فترة أحاول أن أجمع شتات أفكاري لأكتب مقالة متواضعة تتلائم والظرف الذي نعيشه في دوامة الحكام والأنظمة الأستبدادية التي تتعامل مع شعوبها وكأنها قطيع من الخراف وليس بشرآ، شعوبآ لها حضارة وتاريخ يشار اليها بالبنان، فالمزاج العام بالضرورة أنعكس على مزاجي الخاص .. كنت أشعر بخيبة أمل كبيرة وتشاؤم لازمني لشهور ..، لكن وبعد ترقب لحظي للاحداث الجارية وحبس للانفاس في مصر الغالية أخيرآ أنطلقت زغرودة الفرح، فرحة شعب الكنانة، تنفسنا الصعداء، أنطلقت الزغاريد وتبادلنا التهنئة عمت الفرحة في كل شارع وحي ومحافظة ونجع، الفرحة عمت القلوب والبيوت والشوارع وهدأت الأنفس، أختلطت دموع الفرح بدموع الحزن على فراق أحبتنا الشهداء، دماؤهم الزكية كانت منبع النصر وأستمرارآ للثورة في تحقيق مطالبها الشرعية ..،
لأول مرة في تاريخ الشعوب العربية تنتصر كلمة الحق والثورة .. تنتصر كلمة الشعب المصري بحضارته العريقة .. لأول مرة في تاريخ الشعب المصري منذ سبعة الآف عام يخرج على أختلاف أنتماءاته الفكرية وتوجهاته السياسية وبأختلاف أعمارهم ليختاروا بأرادتهم الحرة رئيسهم ، تحملوا الوقوف طوابير لساعات طويلة في قيظ قاهرة المعز بأنتظار الأدلاء بأصواتهم .. لينتخبوا ولأول مرة رئيسآ مدنيآ .. رئيسآ لا يحمل رتبة عسكرية .. ولا يحكمهم بفرامانات عسكرية ... لأول مرة في تاريخ الشعب المصري يختار رئيسآ مدنيآ، هذه نقلة تاريخية ونوعية في حياة وتاريخ الشعب المصري ..،
أنتفض الشعب المصري في 25/1/2011 على الطغيان والظلم تحدى الرصاص بصدورٍ مفتوحة .. وقدم أعز ما لديه أرواحآ ودماء شهداء الأبرار غاليآ للحرية والعيش الرغيد .. عيش .. حرية .. عدالة أجتماعية .. شعارآ بسيطآ لكنه عميقآ في المعنى، فحق الشعوب بالحرية حرية الفكر والرأي وبحياة حرة كريمة .. لقد أثبت الشعب المصري وللعالم أجمع وقد أذهلنا بثورته السلمية بأنتماءه وحبه لوطنه،
قدم أنموذجآ رائعآ للأصالة والتسامح مع الآخر .،
لقد أفرزت صناديق الأقتراع .. بمجئ محمد مرسي رئيسآ منتخبآ لجمهورية مصر العربية .. فرحت كثيرآ لهذا النصر مع أنه لا أميل الى الأحزاب الأسلامية الأ أنني شاركت زملائي وأصدقائي فرحتهم وبعثت مسجات تهنئة بهذا النصر ..،
كنت واثقة الى حد اليقين بأن مصر فيها من الرجال الوطنيين المخلصين المحبين لمصر ولترابها وحضارتها وعراقتها، مصر فيها من الساسة المحنكين ومن عقول حكيمة ومن مثقفين وأعلاميين وكل طبقات المجتمع الذين ينتمون الى أرض الكنانة الى حد الأستشهاد .. كنت واثقة جدآ من أن رجال مصر سيخرجون مصر من عنق الزجاجة ويرسو بسفينتهم الى ميناء الأمان .. سينزعون فتيل المواجهات والمصادمات الدامية لو حصل وأن فاز المنافس الآخر، قضاة مصر الشرفاء كانت لهم كلمتهم، كلمة الحق، الفيصل، لم يتأثروا بالضغوط الأعلامية والتصريحات من هنا وهناك الى حد التشكيك، لقد عملوا قضاة مصر بكل ضمير حي، لم يرتض أيآ منهم أن ينصاع لضغوط سياسية (أن وجدت)..،
قال القضاة كلمتهم وعلت كلمة الحق وكلمة الشعب، لقد فاز محمد مرسي بفارق أصوات على منافسه الشديد المدعوم من النظام السابق ورجال الأعمال، وهذا لم يكن خافيآ على أي شخص حتى على رجل الشارع البسيط الذي لا يفقه شيئآ بالسياسة، فاز محمد مرسي على منافسه المتعجرف من خلال صناديق الأنتخاب ولغة الأرقام التي لن تخطئ ..،
هذا هو الشعب المصري الحر الأبي الذي سطر أحلى وأروع ملحمة .. ملحمة الحرية والنصر بحروف من ذهب ..،
هنيئآ لهم رئيسهم المدني المنتخب الذي خرج من التحرير، ميدان الثورة والثوار .. هنيئآ لشعب أختار طريق الشهادة حتى تتحقق مطالب الثورة ...، أختار الشعب المصري طريق الحرية والنصر على الطغاة ..،
فرحتي كبيرة وعميقة بشعب مصر وبثورتهم السلمية ونصرهم الذي جاء بعد صبر وحبس للأنفاس ومعاناة طويلة ..،
أتمنى أن تكمل فرحتنا على خير ولن يخذلنا محمد مرسي أن يفي بوعوده الذي قطعها على نفسه ( ووعد الحر دين )،
أتمنى أن يثلج قلوبنا بقرارات صائبة لصالح الشعب والثورة ولعوائل الشهداء والمصابين، أن يستعيد حقوق الشعب التي هدرت لسنوات طويلة، المهمة أمامه شاقة والملفات الشائكة كثيرة، فلعبة السياسة وحلاوة الجلوس على كرسي الرئاسة فيه الكثير من المرارة وخاصة في هذه المرحلة التي تمر بها مصر .. كرسي الرئاسة مسؤلية ومسؤلية كبيرة هنالك شعب ودماء شهداء،
المخاوع ونظامه الفاسد ترك مصر حطام فيها الكثير من الدمار الأقتصادي والأزمات الداخلية البطالة،سوء التعليم والصحة وما الى ذلك من ملفات ساخنة أهمها سوء العلاقات الخارجية دوليآ وعربيآ، فكرسي الرئاسة ليس هينآ والشعب المصري المعروف بطيبته وتسامحه الأ أنه أثبت لن يسكت عن حقه (فلا يضيع حق وراءه مطالب)..،
فيا أيها الرئيس المنتخب . كل العيون عليك تتربص لك وتراقبك وربما تتصيد لك أخطاؤك .. أو في حال عدم التزامك بتنفيذ وعودك سيكون للشعب الذي أنتخبك رأيآ آخر..،
هذا الشعب الأبي لن يرضى ولن يسكت على الظلم والقهر والجوع بعد هذا اليوم ..،
لعن الله المعدوم والمهزوم والمحروق والمخلوع والمقتول والبقية آتية لا محال ..، هل عرفتم من هؤلاء ؟ هؤلاء حكامنا .. وهذه مصائرهم
أهنئكم بحرارة أصدقائي وأحبتي المصريين
يا أيها الرئيس المنتخب أستحلفك بعيون حرارة التي أفقأها جلاوزة النظام الفاسد أن تستمر في تحقيق مطالب الثورة والثوار وتعيد الأمل لأمهات الشهداء وللشعب المصري بالعيش والحرية والعدالة الأجتماعية .. ضع نصب عينيك تكافوء الفرص والمساواة وحق الشعب في حياة حرة كريمة ..،
.. لا تجعل مصيرك وأسمك ينضم الى أمبراطورية مييييم
مليووون مبروووك للشعب المصري على نصرهم الجميل
تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2164 الاربعاء 27/ 06 / 2012)