أقلام حرة
صفير الفراغ !
لم يكن قد فات أكثر من عشر دقائق على بدء الأمسية لم يجد أحدا في الصالة فهرع مباشرة الى القاعة فوجدها هي الأخرى فارغة ولم يجد أحدا يسأله عن مصير الأمسية إن كانت قد أقيمت بوقت مبكر أو ألغيت فوقف حائرا مكتئبا ولكي يبدد الوقت بعمل ما صار يلتقط صورا للكراسي الفارغة وعندما شبعت عدسة كاميرته من الكراسي والفراغ أغلقها وهم بمغادرة القاعة وهنا وجدني واقفا في بوابة القاعة، سألته : الى أين؟
قال: وصلت متأخرا ويبدو إن الأمسية إنتهت او أجلست
فقلت له: من قال لك ذلك؟
أجاب: الكراسي الفارغة هي من أخبرتني
قلت له : تمهل قليلا، فالأمسية لم تبدأ بعد
سألني : والجمهور؟
أجبته: سيأتي واحدا بعد الآخر ! ثم إن جمهورنا نخبوي
ولم يخيب ظني طويلا فقد دخل القاعة أحد الجمهور ليجلس في زاوية مظلمة تبعه بعد عشر دقائق آخر والمحاضر ومقدم الأمسية وبعد
ساعة بدأ المصور يتململ قلت : لمنظم الأمسية أظن إن "النصاب " قد إكتمل لتبدأ الأمسية فأمامنا وقت قصير لإغلاق الصفحات ودخولها المطبعة !!!
تذكرت هذا المشهد الذي تكرر عدة مرات وأنا أحضر ندوة " الكلمة.. بين فضاءات الحُرِّية وحدود المُساءلة" التي نظمتها الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء بالتعاون مع النادي الثقافي بمشاركة الأساتذة سالم بن محمد المحروقي والدكتور صادق جواد سليمان والدكتور أنور بن محمد الروَّاس والدكتور محمد بن مبارك العريمي و الزميل محمد بن علي البلوشي و المحامي والقاضي المتقاعد خليفة بن سيف الهنائي و المحامية والكاتبة بسمة بنت مبارك الكيومية والدكتور عبدالعزيز بن محمد الفارسي وسعيد بن ناصر الراشدي وموسى بن عبد الله الفرعي والدكتور زكريا بن خليفة المحرمي و المحامي يعقوب بن محمد الحارثي والمحامي الدكتور محمد أبو عرّام ، حيث شاهدت المصورين يشقون طريقهم بين الجمهور المحتشد بصعوبة، سبق لهذه القاعة أن غصت بالحضور في مناسبتين الأولى حدثوني عنها لأنني لم أكن قد وصلت السلطنة بعد وذلك في مطلع التسعينيات وكانت أمسية أحياها الشاعر الراحل نزار قباني والثانية أقيمت قبل عامين وكانت محاضرة للدكتور زغلول النجار ورأيت الجمهور يجلس على السلم بعد أن إمتلأت القاعة والصالة وغرفة الإدارة !!!
لكن ميزة هذه الفعالية أن المشاركين بها كانوا من الأكاديميين والصحفيين والإعلاميين والحقوقيين العمانيين، أي لم يكن أحد المشاركين من نجوم الفضائيات ! أو المسارح !!
ولأول مرة تلجأ إدارة النادي الثقافي الى وضع شاشة كبيرة في الصالة مربوطة بدائرة تلفزيونية لنقل ما يدور داخل القاعة من أوراق عمل ونقاشات تلامس هموم الإنسان العادي وتطلعاته لتتواصل على مدى يومين متتاليين ظل الجمهور الكثيف خلالهما ملازما الكراسي فإختفى لونها الأحمر خلف بياض "الدشاديش "
إذن علينا الا نلقي اللوم على الجمهور فإبتعاد مثقفينا عن الواقع وحركته جعله ينفض عنهم وحين عادوا لمناقشة مشاكل الواقع عاد الجمهور وعادت الحياة للقاعة التي كانت تمتليء بصفير الفراغ !!
مسقط/ عبد الرزاق الربيعي
صحيفة المثقفwww.almothaqaf.com العدد: 1054 الخميس 21/05/2009 (ارشيف الاعداد) الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي الصحيفة بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. |