أقلام حرة

من يتحدث عن الفساد فليكن أهلا لمحاربته

(سنة وشيعة وطلاب جامعات ومثقفين وكذلك شخصيات عشائرية لها ثقلها في المجتمع). اللافت أن الجميع كانوا متفقين على إثارة موضوع الفساد في مفاصل الدولة سواء كان في السطلة التشريعية او التنفيذية، ومحور الناش كان على شبهة الفساد الحاضرة في صفقة الأسلحة الروسية وكيف أن الجانب الروسي عندما إكتشف أن موظفين حكوميين لديه قاموا بدفع رشى لمسئولين في الجانب العراقي أقالهم على الفور وأحالهم الى القضاء لمحاكمتهم ولم يكتفي بذلك بل قام بإخبار الجانب العراقي بالأمر، ومع ذلك لم يحرك الجانب العراقي ساكنا بل بقي يتفرج وكأن الأمر لا يعنيه (وأنا اقصد هنا السلطة التشريعية ممثلة بلجنة الأمن والدفاع ولجنة النزاهة النيابية).

ولو عدنا بذاكرتنا قليلا الى تصرفات لجنة النزاهة النيابية نراها في الوقت الذي يجب أن تكون حاضرة وتقوم بواجبها على أكمل وجه نراها صامتة وكأن أعضائها على رؤوسهم الطير فلا يكاد أحدهم ينبس ببنت شفة، أما عندما تكون مسألة غير ذات أهمية أو لم يثبت صحة واقعة من الوقائع نرى تلك اللجنة تقيم الدنيا ولا تقعدها حيث أننا نلاحظ أنها إكتفت بجمع تواقيع خمسين نائبا للتحقيق في الفساد بتلك الصفقة ولم يصدر أي أمر بالتحقيق لحد الأن، في حين أننا لاحظنا أن السيد رئيس الوزراء عند علمه بشبهة الفساد سرعان ما أوعز بإيقاف الصفقة وإعادت التفاوض مع الجانب الروسي على صفقة الأسلحة. إن ملفات الفساد في البلد لا يمكن حصرها في هذه الصفقة  كونها أكثر من أن تعد وبالتالي يجب أن يكون هناك عمل جدي للقضاء على هذه الآفة التي أضرت بالبلاد والعباد من أبناء هذا البلد الصابرين وهم يأملون بأن يأتي اليوم الذي يرون مثل هؤلاء المعتاشين على المال السحت وقد ألقي القبض عليهم وتمت محاسبتهم أشد المحاسبة وأعيدت الأموال التي سرقوها منا. لطالما نادينا بضرورة القضاء على الفساد والمفسدين، ولكن مع وجود منتفعين في السلطة التنفيذية والتشريعية فلا أعتقد أن هناك في الأفق القريب ما يوحي بوجود من يفكر بالقضاء على هذه الآفة خاصة على مانسمع في كل يوم من تصريحات من نواب ومسئولين حكوميين من وجود مفسدين تابعين للتيار الصدري والقائمة العراقية ودولة القانون وأخرها تصريح النائب كاظم الصيادي حيث صرح النائب كاظم الصيادي وبموجب بيان مكتبه الاعلامي أن عددا من النواب أشرت عليهم لجنة التحقيق بالبنك المركزي على أنهم متورطون بفساد البنك يقول البيان (وأوضح الصيادي أن "النتائج أشرت أيضاً إلى علاقة البنك المركزي مع عدد من النواب منهم النائب (جواد الشهيلي، طلال الزوبعي، بهاء الاعرجي، جمال الكربولي، عدي عواد، مها الدوري) المتورطين مع البنوك الأهلية ومكاتب الصيرفة وحوالات وهمية لاستيراد مواد وأصناف تجارية وصناعية، إضافة إلى عدم وضوح آليات تدقيق في عمليات غسيل الأموال بالبنك المركزي والمصارف الأهلية"، مشيرا إلى أن البرلمان "انتهى من إجراء التحقيق بشأن سياسة البنك المركزي ونشاطاته منذ العام 2003 وحتى الآن) إننا هنا نطالب السلطتين التشريعية والتنفيذية كلا حسب إختصاصه بالوقوف بحزم أزاء مايحدث وعدم التهاون في ذلك كون ذلك من صميم عمله ألا وهو الحفاظ على مصالح المواطنين الذي إنتخبوهم وأتمنوهم على مال الشعب كله،

 

إن ظاهرة الفساد ليست مشكلة بدون حل ، فهناك عدة إجراءات يمكن من خلالها السيطرة على هذه الآفة والقضاء عليها تدريجيا، ويمكن إجمال هذه الإجراءات بالأتي:

أولا: العمل على تعليق المادة (136 الفقرة ب) الوارد ذكرها أعلاه

ثانيا: إعادة تشكيل مجلس الخدمة العام: وهو الجهة المختصة بتعيين الموظفين في جميع دوائر الدولة وعدم جعل التعيين من صلاحية الوزير أو المدير العام

ثالثا: تشكيل لجنة من القانونيين من قبل مجلس النواب لوضع آليات لعمل لجان المشتريات ووضع قانون يحكم عملها بما يؤمن سد جميع الثغرات التي ينفذ منها الفاسدون لسرقة المال العام على أن ينص القانون في فقرة منه على تشكيل لجنة لمراجعة سلامة التصرف  بالمال العام من قبل لجان المشتريات في كل حالة شراء.

رابعا: العمل بمبدأ (من أين لك هذا؟)، فمفوضية النزاهة العامة أصدرت اللائحة التنظيمية رقم (1) لسنة 2004 ألزمت فيها أهم موظفي الدولة بالكشف عن مصالحهم المالية ومصالح أزواجهم وأولادهم المعيلين لهم عند التعيين لأول مرة ومع ذلك فإذا ظهر تضخم في ثروة الموظف الحكومي لا يتناسب مع حجم دخله الطبيعي لا تستطيع أي جهة أن تطالبه بإثبات أنه كسب تلك الأموال بطريقة مشروعة لأن الأصل في القانون العراقي أن أموا الشخص جاءت بصورة مشروعة وعلى من يدَعي خلاف ذلك إثباته، في حين أننا نلاحظ أن المشرع المصري أوجب على الموظف الذي ظهر تضخم في ثروته لا تتناسب مع حجم دخله الطبيعي أن يثبت أنه كسبها بطريقة مشروعة وعندما يعجز عن ذلك سيعتبر أنه اكتسب تلك الأموال بطريق غير مشروع. وما ذكر أعلاه من اختصاص السلطة التشريعية.

نعود الى السلطة التنفيذية : فهناك إجراءات يمكن أن يقوم بها مجلس الوزراء لمكافحة الفساد منها:

أولا: أن يقوم مجلس الوزراء بتشكيل المحكمة الإدارية والتي نص عليها أمر سلطة الائتلاف ذي الرقم (87) لسنة 2004 للنظر في اعتراضات مقدمي العطاءات على قرار الإدارة بإحالة المناقصة على غيرهم خلافا لأحكام القانون كونها ستراقب صحة إجراءات المناقصات والإحالات التي يمارسها الوزير عند إبرام العقود .

ثانيا: يقوم مجلس الوزراء بوضع تعليمات وأنظمة إدارية لتسهيل تنفيذ العقود من قبل وزارة التخطيط.

إننا في كل ما تقدم فإننا ننشد عراقا خالي من الفساد والمفسدين.

والله من وراء القصد

 

في المثقف اليوم