أقلام حرة
حول ألجلبي والبيت الشيعي وأشياء أخرى
المغالطات حول البيت الشيعي وأطروحة نقل الثروة وتاريخ أسرة ألجلبي خلافا لما عهدناه في الكاتب من موضوعية في الكتابة وتحري للمعلومة وتقصي للحقائق لاسيما وهو الباحث في التاريخ. ويا لها من مفارقة أن يبدأ الكاتب مقالته بفعل مبني للمجهول هو (يُنقل) ليؤسس بعد ذلك مادة حديثه عليه، ويعلم من له أدنى حظ بالعربية أن استعمال المبني للمجهول دليل على عدم التثبت، فأي موضوعية وأي قيمة ستبقى لما يأتي من بعده ؟!.
البيت الشيعي:
بداية وقبل الخوض في بيان الأسباب التي دعت لتأسيس البيت الشيعي نقول إن تأسيسه كان تحصيل حاصل للمحاصة الطائفية والعرقية التي شكل بها الأمريكيون مجلس الحكم، فقد كان للكورد بيتهم وللسنة بيتهم وان لم يعلنوا عنه كما فعل أشقائهم الشيعة، أما الغاية الحقيقية وراء إعلان البيت الشيعي فقد كانت ترمي إلى تكوين كتلة سياسية معارضة لسياسة الحاكم الأمريكي بول بريمر الذي يقول عنه ألجلبي بات يتصرف وكأنه نائبا للملك ومن هنا كان لابد من مقاومة جموح بريمر والحد من سياساته المتهورة وقد كانت نتيجة هذه المقاومة أن غارت القوات الأمريكية على بيت ألجلبي في شهر أيار 2004 فعاثت بممتلكاته، وانتهكت حرمته، واعتقلت أفرادا من حمايته وأرادوا قتله بأوامر مباشرة من بريمر الذي ضاق ذرعا بمقاومة ألجلبي والبيت الشيعي بعد أن دبر له تهمة التجسس لصالح إيران هذا أولا، ولأجل إشراك القوى السياسية من داخل العراق كان البيت الشيعي مقدمة لتأسيس المجلس السياسي الشيعي الذي استطاع أن يشرك قوى الداخل وترأسه في حينها وزير الداخلية الحالي السيد جواد البولاني الذي يعتبره كاتب المقال أعلاه من الوطنيين وقد نجح البيت الشيعي في تحقيق هذه الغاية هذا ثانيا.
ولنا التساؤل من الكاتب لماذا لا يُتهم مثلا الدكتور إياد علاوي بالطائفية وهو ثالث ثلاثة أسسوا البيت الشيعي؟ ولماذا باء وطنية السيد بولاني تجر وباء وطنية ألجلبي أو الجعفري أو الحكيم لاتجر، بخاصة وان الجميع كانوا من أعضاء المجلس السياسي الشيعي؟ وعلى ما يبدو أن الكاتب سطر كلماته عن البيت الشيعي من دون معرفة بتفاصيل تأسيسه أو امتلاكه المعلومات الكافية وكان الأجدر به _وهو الباحث عن الحقيقة_ أن يتفحص الأمر قبل الحكم عليه. هذا ما كان من أمر البيت الشيعي فأين الطائفية فيه؟.
ألجلبي والمالكي:
ومرة ثانية يؤكد الكاتب افتقاره إلى المعلومات الكافية عن طبيعة علاقة ألجلبي بالمالكي ولأجل ذلك نترك الأرقام والوقائع تتحدث عن علاقة الرجلين ببعضهما فنقول أن ألجلبي والمالكي عملا معا في هيئة اجتثاث البعث وكانت نتيجة تعاونهما المثمر تعطيل وشل حركة منظومة حزب البعث وتطهير مؤسسات الدولة منها حيث كان ألجلبي رئيسا والمالكي نائبا للهيئة. أما قبة البرلمان فقد شهدت تعاونا كبيرا بين الرجلين حينما كانا اعضاءا في ائتلاف 169 أيام الجمعية الوطنية.
وعلى صعيد العمل الحكومي فقد أوكل المالكي حينما أصبح رئيسا للوزراء للجلبي مهمة رئاسة اللجان الشعبية الساندة لخطة فرض القانون وهي اللجان التي كان لدورها أطيب الأثر في إعادة فتح المساجد المغلقة نتيجة العنف الطائفي كما كان لها الأثر الكبير في مساعدة العوائل النازحة على العودة إلى ديارها بعد العنف الطائفي ومهدت بشكل عملي للمصالحة الشعبية، وبعد ذلك كلف المالكي ألجلبي برئاسة لجنة الخدمات والتي كانت عبارة عن حكومة مصغرة تشمل على وزراء الوزارات الخدمية حيث أدارها ألجلبي بنجاح قل نظيره واستطاعت هذه اللجنة من إنجاز الكثير من الخدمات لأبناء محافظة بغداد والمناطق المحيطة بها حيث قام ألجلبي بزيارة لأغلب المناطق التي كانت تعرف بالساخنة وكان لي شرف رفقته فيها كاللطيفية
وصدر اليوسفية وعامرية الفلوجة والرمادي وأكراد زوبع والتاجي وسبع البور والمدائن وبهرز حيث تعرض في هاتين المنطقتين إلى محاولات اغتيال وهجوم مسلح من قبل الجماعات الإرهابية نقلته في حينها وسائل الاعلام. هذا غيض من فيض عن علاقة ألجلبي بالمالكي، فعن أي حرب يتحدث زميلنا الكاتب؟
نقل الثروة:
نقل الثروة من الحكومة إلى الشعب هو عنوان الأطروحة التي ينادى بها ألجلبي وليس (إعادة الأموال من الحكومة إلى الشعب ) كما أشار كاتب المقال، والفرق بين الأمرين واضح، وخلاصة الأطروحة إن الحكومة العراقية غنية وان الشعب فقير وان عائدات النفط العراقي تتراكم في البنوك الأمريكية وتحديدا في صندوق تنمية العراق المعروف بـ DFI)) وكذلك لدى الحكومة العراقية والمطلوب نقل هذه الثروة من الحكومة والبنوك إلى الشعب العراقي المالك الحقيقي لها بنص الدستور وهذه العملية تتم عبر إجراءات عملية يتم من خلالها معالجة المشاكل التي يعاني منها الشعب كمشكلة السكن والبطالة والركود الاقتصادي واضمحلال الزراعة وغيرها من المشاكل التي يعاني منها العراق.
ووفقا لهذه الأطروحة يتم معالجة مشكلة البطالة والسكن من خلال مشروع بناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية والتي بدورها ستستوعب اليد العاملة العراقية وتحرك اقتصاديات البلد برمتها وعملية عملاقة كهذه تحتاج إلى عدة مليارات من أموال العراق المتراكمة في البنوك وسحب هذه المليارات وتشغيلها في هذا المشروع الضخم هو واحدة من تجليات أطروحة نقل الثروة من الحكومة إلى الشعب، فالمواطن سوف يأخذ حصته من عائدات النفط على شكل سكن، وهكذا الحال مع المزارعين الذين وفقا لهذه الأطروحة سيصار إلى دعم موسم زراعي كامل لهم من هذه الأموال وشراء محاصيلهم بأسعار تعادل الأسعار العالمية وبهذه الطريقة تكون عائدات النفط قد عادت إليهم وهكذا بالنسبة لتنشيط حقل الصناعة وغيرها من الحقول هذا ما عنته أطروحة نقل الثروة التي ينادي بها ألجلبي وهي تشكل لب البرنامج الاقتصادي الذي سيطرحه الائتلاف الوطني العراقي. فلماذا أذن أراد الكاتب تسفيهها ؟
ألجلبي وحكومة الجعفري:
شغل ألجلبي منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة الجعفري التي استمرت لعام واحد، ومدحه لتلك الحكومة ينطلق من زاوية محاربة الفساد الإداري والمالي الذي نجحت تلك الحكومة في الحد منه بعد أن استشرى في حكومة الدكتور علاوي حيث فضيحة الفساد في وزارة الدفاع التي كلفت خزينة الدولة العراقية المليار دولار، وفضيحة وزارة الكهرباء التي قدر حجم الفساد فيها بالثلاثمائة مليون دولار وكان من قصة هروب وزيرها وتهريبه من السجن ما كان.
أما الحكومة الحالية فقد شهدت فضيحة الفساد في وزارة التجارة والتي ما تزال تتفاعل في الشارع العراقي حتى بعد استقالة وزير التجارة والذي تم منعه من السفر على خلفية هذه الفضيحة. وعودة إلى حكومة الجعفري سنجد أن فضيحة فساد من هذا القبيل لم تحدث، ليس لأن العاملين في وزارات تلك الحكومة أنبياء لا يسرقون، لا ولكن للإجراءات التي نجحت تلك الحكومة في اتخاذها للحد من الفساد وتلك الإجراءات تمثلت بتشكيل لجنة العقود التي قادها ألجلبي والتي حالت دون وقوع أي فساد في أي عقد تبرمه الحكومة وعقدت خمسة وسبعون اجتماعا خلال عام واحد فقط،هذا الأمر هو الذي يجعل ألجلبي يطري على حكومة الجعفري،
وهذا هو تفسير مدحه لتلك الحكومة.
أموال أسرة ألجلبي:
منذ عودته إلى بغداد ورغم انه كان الآمر الناهي لم يدر بخلد ألجلبي استعادة أموال أسرته بالقوة أو بالسطو المسلح كما زعم الكاتب _وما أسهل الزعم_ بل استشفع بالوسائل القانونية وكلف محام للقيام بهذه المهمة، وبعد خمس سنوات من المرافعات استطاعت أسرة ألجلبي استعادت بعض من أملاكها بقوة القانون والعدالة وليست بقوة الحمايات، ولا تزال بعض القضايا في المحاكم حيث تعاني أسرة ألجلبي من الحقد الطائفي في هيئات التمييز التي تعرقل حصولها على حقوقها علما إن بعض أراضي العائلة تم تصنيفها من زراعي إلى تجاري وذلك في عام 1953 .
ولعل الشعب العراقي يدرك جيدا إن والد ألجلبي المرحوم عبد الهادي هو من وهب البيوت للفقراء في ضاحية الهادي التي أطلق عليها هذا الاسم تيمنا به، فنقل الثروة من الأغنياء إلى الفقراء سنة سنها والد ألجلبي ومضى عليها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم يوم اقتطع أراض شرق القناة للفقراء وأسكنهم هناك.
حكموا وهم سنة :
اتفق مع الكاتب أن أسرة ألجلبي أسرة سنية ثم تشيعت ولم يمض على تشيعها سوى ثلاثة قرون ولتشيعها قصة ليس المقام مقام ذكرها، لكن ما فات كاتبنا (المؤرخ) أن جد الأسرة حينما عُينَّ حاكما على الكاظمية كان حينها سنيا وليس شيعيا، وغريب أن يفوت مثل هذا الأمر على كاتب وباحث يحمل شهادة الدكتوراه في التاريخ. خطأ آخر وقع فيه كاتبنا المؤرخ حينما ذكر أن أسرة ألجلبي قدمت مع السلطان سليمان القانوني والحقيقة كما رواها سليل الأسرة احمد ألجلبي لجريدة الحياة بالقول " نحن من قبيلة طي العربية التي تسكن شمال سورية، ودخلت إلى العراق في آخر حملة عثمانية لاحتلال العراق من الصفويين بقيادة السلطان مراد الرابع في العام 1637".(صحيفة الحياة حوار مع ألجلبي _آذار 2009). فهل نصدق بالمعلومة المغلوطة التي ذكرها الكاتب المؤرخ، أم نصدق بشهادة ألجلبي ابن العائلة؟
شنشنة من اخزم:
أخال أنني أطنبت بالحديث، لكن ما أود أن اختم به أن كاتب مقالة (ألجلبي والحرب على المالكي) جانب الصواب في الكثير منها، فضلا عن الهفوات الكثيرة التي وقع فيها وما كان لمثله وهو (الدكتور) بحسب المشهور_ وربَّ مشهور لا أصل له_ أن يقع بمثلها، غير أن ما يلفت في مقالته أنها كتبت بلغة فيها الكثير من التحامل على ألجلبي رغم محاولة الكاتب الإيحاء بأنه حريص عليه وعلى طاقته العلمية. لا ادري لو أن ألجلبي دخل في تحالف سياسي غير الائتلاف الوطني العراقي أو كان عضوا في ائتلاف مدعوم من تحالف البترودولار الخليجي الذي يحن لعودة عقارب الساعة إلى الوراء ليبقي على ألساعدي والكعبي والخيون مواطنين من الدرجة السابعة فهل سينبري له كاتبنا المؤرخ بمقال متحامل أم سيكتب حينها مقالا يوضح فيه وطنية ألجلبي التي التقت بوطنية الرفيق فلان الفلاني؟ لا أقول شيئا سوى أنها شنشنة نعرفها من اخزم .
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1219 الخميس 05/11/2009)