أقلام حرة
ظاهرة ساندريلا (العربية) سهير القيسي
وبلهجة عراقية عذبة زادت البرنامج حلاوة على حلاوة سهير ذاتها. (عين المراقب) هو الاسم الذي أطلقته ساندريلا (العربية) على نافذتها (من العراق) والذي تطل به على مشاهديها دوريا، تراقب وتلاحق كل شاردة وواردة سياسية يفرزها المرجل العراقي الذي يغلي دوما بالاحداث، واضعة نصب عينيها تقديم المصلحة العراقية العليا على إي اعتبار آخر، وهي ميزة تكاد تنفرد بها الساندريلا لوحدها، تسجل لها بكل فخر واعتزاز، بل نستطيع القول ان سهير القيسي أول اعلامية عراقية تنجح في عرقنة برنامجها الذي تبثه قناة غير عراقية مما جعل منها ظاهرة تستحق التوقف عندها .
فعلى خلاف زملائهم من الاعلاميين اللبنانيين او المصريين او السوريين، يندر ان تجد اعلامي عراقي يعمل في وسيلة اعلامية أجنبية يأخذ بمبدأ العرقنة فيضع مصلحة بلده عند اعداد الاخبار او كتابة التقارير الخبرية او تقديم البرامج كما يفعل الاعلامي اللبناني بلبننته لنتاجه الاعلامي حتى وأن كانت للوسيلة الاعلامية التي يعمل فيها سياسة اعلامية قد لا تنطبق بالضرورة وتوجهات بلده، وخير مثل على ذلك موقف الاعلاميين اللبنانيين في قناتي (الجزيرة) و(العربية) من حرب تموز 2006 فبالرغم من تعارض سياسات الدول التي تمول هاتين الفضائيتين وموقفهما المتناقض من تلك الحرب، الا ان الاعلاميين اللبنانيين في الفضائيتين المذكورتين توحدوا بموقفهم الوطني الداعم للبنان ووحدته وسيادته بغض النظر عن توجهات القنوات التي يعملون لصالحها، اسيق ذلك كمثل على عمل الاعلاميين اللبنانيين بمبدأ اللبننة وهو امر يندر ان تجد اعلامي عراقي يقوم به فيعرقن قدر المستطاع الوسيلة الاعلامية التي يكدح فيها هذا اذا لم يتحول الى طابور خامس يعمل لصالح الاخرين كما هو عليه الحال مع بعض الكتاب والصحفيين العراقيين الذين يسودون صفحات العديد من الصحف العربية بالاجرة فلا يترددون في كتابة كل ما يطلب منهم حتى وان كان ذلك على حساب مصلحة بلدهم وشعبهم، بل راح بعض الاعلاميين العراقيين العاملين في قنوات (عراقية) يتفنن في مغازلة البلد الذي يستضيف القناة وذلك من خلال التحدث بلهجة ذلك البلد العربي وكأن اللهجة العراقية عيب او منقصة لا تستحق التحدث بها، على خلاف بقية الاعلاميين العرب الذي يصر اي منهم على التحدث بلهجة بلده في اي فضائية يكون فيها اذا ما سنحت له الفرصة للتحدث.
بيد ان ظاهرة سهير القيسي جاءت لتغيير هذا الانطباع ولتعلن عن ولادة وعي اعلامي عراقي جديد اذا جاز لي التعبير حيث تنعكس المعادلة لتكون مصلحة بلدها حاضرة وهي تهدر بشجاعة مدافعة عن العراق بعين الرقيب الواعي والذي لن يسمح لنفسه ان يتحول الى مطية ليمرر الاخرون من خلالها أجندتهم حتى وان كانت على حساب الشعب العراقي الذي يتطلع الى من ينصفه من ابناءه بعد ان تكالبت عليه الرزايا. ففي كل مرة تستضيف فيها القيسي عراقيين لتحاورهم عن الاوضاع السياسية في العراق نراها تصر على مخاطبتهم باللهجة العراقية في رسالة واضحة منها اليهم انها منهم وفيهم، وانها هنا اي في (العربية) تمثل العراق والعراق وحده وبكل تلاوينه واطيافه، وإذ نسيت فلن انسى ملاسنة رئيس البرلماني العراقي السابق للاعلامية سهير القيسي وجوابها البرئ له والمفعم بالوطنية (دكتور انا مثلك عراقية) كلمات نبعت وبصدق من قلبها،فرسالتها لكل الاعلاميين العراقيين كونوا عراقيين حيثما كنتم، ولا تأخذكم بحب العراق لومة لائم او ضغوطات ارباب العمل. فتحية للمبدعة سهير القيسي على شجاعتها وعراقيتها والتي نتمنى ان تحذوا بقية الاعلاميات والاعلاميين العراقيين حذوها فيستنسخوا منهجها من اجل العراق، فهو يستحق منا الكثير.
محمد حسن الموسوي
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1067 الاربعاء 03/06/2009)