أقلام حرة

في ذكرى منقذ العلي

faysal roshdiكان لموت الإعلامي الكبير منقذ العلي بالغ الأثر في جمهوره العربي الكبير الممتد من المحيط إلى الخليج. خاصة، وأن علاقته بجمهوره تعود إلى الى وقت مبكر من انطلاق قناة الجزيرة، بمجال الرياضة تحديدا، حيث يطل بطلعته البهية، وإلقائه المتألق للأخبار، وابتسامته الرائعة، ليستحوذ على قلوب الملايين من المشاهدين، في كافة أنحاء الوطن العربي.

ارتبط اسم منقذ العلي في البداية بالنشرة الرياضية، فما أن تقول أخبار الرياضة حتى يتبادر في ذهنك اسمه، ليصبح تقديم النشرة ومنقذ وجهان لعملة واحدة، فربط العلي جسرا متينا مع محبيه، خاصة وأن الله وهبه أخلاق حميدة، متمثلة أساسا في حب الآخرين، واحترامه لهم. فأثر في المشاهدين، وترك في أعماقهم شيء اسمه متعة المشاهدة.

ولد منقذ في عام 1962 بمدينة حماه السورية، وفيها فتح عينيه على جمال الطبيعة، وعشق سماع الحكايات الشعبية، كل هذا حفزه لدراسة الأدب، مما جعله يتابع دراسته في الجامعة، حيث حصل على شهادة الإجازة.

وقد كان حلمه هو الإعلام الذي سكن مخيلته منذ فترة الطفولة، ولعل إعجابه بالرياضة حفزه أكثر لكي يكون مذيعا رياضيا . فبدأ يخطو خطواته الأولى في التلفزيون السوري، وإذ ذاك تحقق حلمه، وأصبح مذيعا للنشرة الرياضية.

عمل منقذ العلي هناك مدة عشر سنوات، حيث كانت تلك الفترة بالنسبة إليه تجربة فريدة، استمد منها خبرة كبيرة، مما جعله محط أنظار المحطات العربية الكبرى. فكان أول التحاق له بقناة الجزيرة عام 1997، حيث أصبح من بين أهم نجومها ،وظل وفيا لعمله رغم المرض الذي أصابه، فالعمل عند منقذ هو شيء أساسي في حياته.

ربط العلي علاقات جيدة مع أصدقائه، ومن بين هؤلاء من تأثروا بموته، وعلى رأس هؤلاء: الأستاذ حمزة الراضي، والأستاذ راشد إبراهيم الجويدة، وكذلك الأستاذ الكبير جاسم المطوع، وصاحب الصوت الساحر الاستاذ فوزي البشرى، وأخرون..

كان منقذ ابنا بارا، وأبا عظيما، وصديقا وفيا، وإنسانا مخلصا لعمله، لأن الرجال يموتون جسدا، لكن روحهم تبقى خالدة. فلازالت روحه تسكننا جميعا، ولم يغب عنا ولو لحظة.

لازلت أتذكر وصيته لابنه أسامة، تلك الوصية المؤثرة، التي نستحضر معها وصايا لقمان الحكيم لابنه ، فأسامة هو ابن بار، ونأمل جميعا أن يكون قرة عين أبيه، وأن يتذكر أن اسمه هو على اسم علامة كبير هو أسامة ابن منقذ. فنأمل جميعا أن يكون كذلك.

لن يمر اسم منقذ العلي هكذا، وأمنيتنا جميعا أن يخلد اسمه، وأن نرى في يوم من الأيام مدرسة أو شارعا أو مكتبة باسم منقذ العلي، لأن الرجال العظماء، هم الذين يبصمون بصمتهم في الحياة قبل أن يغادروا.

هكذا بصم الأستاذ العلي بصمته، باعتباره الإعلامي الذي تألق في مجاله..

أمثالك يا منقذ هم الذين يذكرهم التاريخ، هم وحدهم من ترجع بنا الذاكرة الى استحضارهم..

رحمك الله يا منقذ، وأسكنك فسيح جناته.

 

فيصل رشدي، الرباط

في المثقف اليوم