أقلام حرة
أطفالنا غاضبـون
شهر رمضان يلملم ساعاته الأخيرة متأهبـا للرحيــل، وفي قلوب الأطفال فرحة كبيرة لقدوم العيــد، وفي ظل واقع عراقي متجهم، يأملون باقتناص شيء من الفرح والبهجة . الكثير من التجار العراقيين المسلمين أنهوا شهر رمضان صائميـن، وربما أحيـوا ليلة القدر بالصلاة والدعاء . وهم الآن على أتم الاستعداد لتقديم بضائعهم إلى السوق، فقد امتلأت بمختلف أنواع المسدسات والبنادق ذات المقذوفات البلاستيكية، إنهم يدركون جيدا رغبة الأطفال في مثل هكذا لعب خطرة ! . فلماذا يحب أطفالنــا هذه الأسلحــة رغم ما يرافقها من عنف وضرر؟.
إن هذه اللعب ما هي إلا وسيلة يلجأ إليها الصغار للتخلص من الأحاسيس العدائية لديهم، وان كبت هذه الأحاسيس له عواقب وخيمــة . إن أطفال العراق يختلفون عن غيرهم من أطفال العالم فهم لديهم النصيب الأوفر من المسببات التي تنمي في أنفسهم مختلف المشاعر السلبيــة . فمصادر عدم الشعور بالأمان هي أولى هذه الأسباب، والإهمال وعدم الاهتمام داخل الأسرة، والصرامة الشديدة في إصدار الأوامر، والتوجيهات المكبلــة لحريتهم، كذلك أساليب التربية البالية في البيت والمدرسة، والحرمان من العطف والحنان الناجم عن حالات الطلاق والزيجات الفاشلـــة، ونقص الأماكن الترفيهية والملاعب الرياضية المتنوعة،وغير ذلك الكثير من العوامل المساعدة في تنمية مشاعر الغضب والحرمـــان .
ولا بد لهذه المشاعر من متنفس مـا، وهنا يأتي دور الأسلحة البلاستيكية، كفكرة استلهمها أطفالنا من واقعهم ومحيطهم الذي يعج بالعنف، لتصبح هذه الأسلحة كمفرغ لشحنات الغيظ الكامنة في صدورهــم . فبعد يوم حافل بالمطاردات والإصابات والمناورات لا يلبث الصغار أن يهدؤوا ويعرضوا عن أسلحتهم أو يهملوها .
هذه الظاهرة استفحلت بعد عام 2003 دون ان تتخذ حكومات الإسلام السياسي موقفا مضادا لها، بل إنها عجزت حتى عن منع استيرادها، وقد يكون للأحزاب المتنفذة دورا في توريد هذه الأسلحة للعراق . الحكومة والبرلمان لا يعيروا هذه المسألة أهمية لان عيون أطفالهم ستبقى سليمة ولن تجد مقذوفه بلاستيكية إليها سبيلا، وإنهم في كل الأحوال يقضون العيد في دول أخرى غيـــر العراق الذي لا يمثل لهم سوى فريسة ينهشون بها دون رحمــة .
طارق الربيعي