أقلام حرة

مسئوول كويتي يجيب على: لماذا لم تستقبل دول الخليج اللاجئيين السوريين؟!

ayad aljasani"لماذا لم تستقبل دول الخليج اللاجئين السوريين؟" سؤال طرحه العديد من الكتاب العرب قبل عدة أيام بعد غرق آلاف السوريين ومن بينهم الصغير اريان مع امه واخيه وهم يحاولون الوصول إلى أوربا بينما أبواب الدول العربية والإسلامية المجاورة ظلت مغلقة في وجوههم لا تسمح بدخولهم واستقبالهم . وجاء الجواب سريعاً من الكويتي فهد الشليمي مدير “المنتدى الخليجي للأمن والسلام” الذي اجاب في تصريح إعلامي له نشرته صحيفتكم الكريمة عراق القانون بالامس :” ان دول الخليج غالية ومكلفة ولا تصلح لعيش اللاجئين، تصلح للعمل وفي النهاية لا تستطيع أن تستقبل ناس آخرين من بيئة أخرى ومن مكان آخر عندهم مشاكل نفسية وعصبية وتدخلهم في مجتمعاتك”.هكذا وبكل بساطة وترف جاء جواب الشليمي تماما كما لو انه يشتري بضاعة من الخارج او انه يعيش في دولة ليست على الارض بعدها السماء في القمر، ان السوريين مرضى نفسيين ومن “بيئة مختلفة” لا يصلحون للعيش في الخليج الذي اعتمد أساساً على العمالة العربية والأجنبية، بينما في الوقت نفسه بدأت أوروبا تدرك قيمة الشباب المهاجر وما تحمله من طاقات وثروة مستقبلية وفق ما جاء على لسان خبير نمساوي مؤكداً أن هذه الهجرة “فرصة كبيرة” لأوروبا بعد ان ازدحمت محطات القطار في فيينا بالاف اللاجئين الذين رحبت بهم النمسا بكرم كبير اضافة الى موقف المستشارة الالمانية ميركل المشرف بضرورة استقبال اللاجئيين السوريين الذين وصل منهم في اول وجبة تقدر بعشرة الاف لاجئ سوري عند وصولهم مدينة ميونخ عبر النمسا لانهم يمثلون طاقات عمل جديدة ويجب ايواءهم طبقا للعدالة والظروف الانسانية التي يمرون بها في الوقت الذي ادانت فيه موقف الجماعات النازية الذين تظاهروا وهاجموا ايواء اللاجئين في المانيا . اما عن ما جاء في مقالة جوناتان فريدلاند احد الكتاب في الغارديان البريطانية الذي قال فيها ان صورة الغريق الصغير ايان كوردي قد فتحت اعيننا والطريق امامنا كي نعرف كيف نستقبل اللاجئبن في بلادنا . وكاتب اخر قال هل ستغير الصورة هذه التاريخ؟ ولكننا لم نسمع اي مؤشر لصحوة الضمير الانساني عند الخليجيين المنشغلين هذا اليوم بشن غارات الموت لقتل اطفال اليمن؟ فما الفرق اذن بين موقف هؤلاء النازيين وموقف الخليجي الشليمي هذا؟ سنرى ذلك في التعليق الذي ارسلته لاحدى الصحف بعد ان اطلعت على تصريح الكويتي الشليمي .

كتبت في تعليقي على جواب المسئوول الكويتي اقول :” ارى ان راي الشليمي هذا جاء نابعا من عقد قديمة قائمة باستمرار في دول الخليج على كراهية ابناء الشعوب العربية المتحضرة كالعراق وسوريا وعلى راسها الكويت ولنا ما يؤيد ذلك ما قامت به العصابات الكويتية من دمار في البصرة انتقاما بعد تحرير الكويت من غزو صدام حسين لها ومطالبة العراق بالمليارت من التعويضات المزيفة نتيجة احتلال الكويت عام 1990 . ومع ذلك في الحقيقة ان ما يقوله هذا الكويتي هو غاية في الغرابة والنفاق لاني على يقين ان الخليجيين هم انفسهم المرضى النفسيين الذين يعانون من امراض وعقد نفسية تاريخية مستعصية اثرت على شخصيتهم وسلوكهم وما قوانينهم تجاه الوافدين سواء الاجانب او العرب الذين هم من بنى الكويت وعلم اولادهم وليس كما يقول الشليمي ما هي الا انعكاس لامراضهم وعقدهم هم قبل غيرهم . حكام الخليج معروفون بانتهازيتهم واعتمادهم على قوى العمل العربية الوافدة هم وعوائلهم دون اعترافهم بالجميل منذ عقود بعد تصديرهم النفط . اما زمن ايام الغوص قبل ظهور النفط فلقد كان استغلال تجار اللؤلؤ قاسيا وانتهازيا لابعد الحدود للعمال معهم من ابنائهم على ظهر سفنهم وربطهم بشروط قاسية للعمل في الغوص على اللؤلؤ يغيبون عن عوائلهم لاشهر طويلة فوق مياه الخليج تاركين عوائلهم عرضة للجوع والتفسخ الاجتماعي والدعارة . وما الراي الذي ادلى به الشليمي الا فقرة من بين فقرات قوانين العمل السارية المفعول حتى اليوم التي تستغل وجود العاملين في هذه الدولة وتستنفذ قواهم لابعد الحدود وبالتالي ترميهم خارج اسوار دولهم منهوكين اضاعوا زهرة شبابهم في خدمة الدول الخليجية دون امل في قضاء بقية العمر من رعاية انسانية حيث ان هذه الدول لم تعمل على انشاء صندوق للضمان الاجتماعي او شمول العاملين في هذه الدول بالتقاعد ابدا ناهيك عن حق المواطنة وخصوصا العرب منهم الذين قضوا عقودا طولية من الاقامة في الخليج وما ان يصل الوافد العامل مهما اختلفت مهنته سواء من عمال البناء الى اساتذة الجامعات والاطباء والمهندسين الى سن التقاعد يرمون به خارج حدودهم دون اي رعاية انسانية هو وافراد عائلته وان اراد البقاء املا في مواصلة العمل فما عليه الا اللجوء الى الكفيل من تجار وسماسرة الاقامات الذين يفبركون له اقامة بالاتفاق المشترك في الربح مع موظفي الداخلية لمدة عام بمبلغ يصل الى اكثر من الف دولار                                  .

اقول كل هذا وانا مسئوول عنه ** لاني عملت عشرين عاما في الكويت وخرجت منها بعد احتلال صدام حسين بشراء اقامة بكفالة احدى الشركات تنتهي في 1991على امل صفاء الاجواء والعودة للكويت، ولكن ما ان عدت بعد احتلال الكويت مباشرة الى النمسا التي سبق وان درست فيها على الماجستير في الترجمة ما بين 1962-1966 تقدمت بطلب منحي الجنسية النمساوية في عام 1991 و تم منحي اياها في 1992 اي بعد عام واحد فقط من تقديم طلبي بناء على كوني صاحب مكتب للترجمة واحمل شهادة الدكتوراة، لكن عشرين عاما في بلد عربي واسلامي مجاور للعراق كالكويت الذي اقتطعت ارض له من جنوب البصرة واقيمت عليها دولته بالتآمر والقوة البريطانية، لم تنفع في الحصول على الجنسية فيه بل ولا على الاقامة الدائمية ايضا. وصدام دمرنا هو الاخر ودمر العراق ايضا فنعلة الله على المتجبرين . خرجت مع ابنائي الذين ولدوا في الكويت ودرسوا وتعلموا وما ان وصلوا الى دول اوروبا كفرنسا والنمسا واكملوا دراساتهم الا وهم اليوم في اعلى المناصب في تلك الدول التي احتضنتهم واستفادت من وجودهم وكفاءاتهم ولغاتهم المتعددة وخاصة العربية . لقد فقدت الكويت وبقية دول الخليج اجيالا لا مثيل لها من ابناء الوافدين المثقفين العرب ولم يعرفوا كيف ان يدمجوهم في مجتمعهم لبناء مجتمعات قوية تقوم على اساس انساني واجتماعي متفاني في حب الوطن الجديد. اذن لا غرابة في ما يقوله الشليمي ابدا فهولاء قوم انانيون لا يعرفون العطاء ومساعدة العرب الاخرين بل يتفننون في كراهيتهم والتآمر عليهم وها هي اخيرا قطر والكويت والامارات وعلى راسهم المملكة السعودية فنانون في تحالفات الشر وشن الحرب على اليمن الفقيرة بحجة طرد النفوذ الايراني بعد ان دمروها كما نشروا الارهابيين بدعم امريكي علنا ودعموهم بالمال والسلاح في العراق المحتلة مدنه وسوريا التي ما زالت تحترق . ولقد اكدت المخابرات الامريكية والعديد من السياسيين وغيرهم على صحة ذلك ودعمها كتاب كثيرون مثل توماس فريدمان وروبرت فسك وغيرهم . فكيف تريد اذن من الخليجيين ان يستقبلوا اللاجئين العرب في محنتهم الطارئة هذا اليوم ؟ ان دول الخليج ما هي الا دول هجينة انشأها المستعمر بالقوة على براميل النفط التي احترقت يوما وبدأت بالنضوب الان كما في الكويت ولم تنفع الدروس والنصائح مع هؤلاء الحاقدين الا ان التاريخ لا يرحم ومن لا يعرف الرحمة والوفاء والانسانية وقيم الاسلام الحقيقية هذا هو تفسيره لمحنة العرب السوريين اللاجئين وغيرهم هذا اليوم لان فاقد الشي لا يعطيه . والله من وراء القصد مع التحية   .

 

بقلم : الدكتور اياد الجصاني

عضو نادي الاكاديمية الدبلوماسية فيينا – النمسا

.............................

** قدمت اطروحة الدكتوراة في التاريخ الاقتصادي عن مجتمع الخليج قبل وبعد النفط ناقشتها بالفرنسية في جامعة تولوز بفرنسا التي نالت على درجة الدكتوراة من مرتبة الشرف عام 1974 ترجمتها الى العربية ونشرتها في كتاب حمل عنوان ” النفط والتطور الاقتصادي والسياسي في الخليج العربي ” عن دار المعارف في الكويت عام 1982 .

في المثقف اليوم