أقلام حرة
عـقدة الخواجة
منذ فترة ليست بالقصيـرة وصفحات الفيس بوك لم يعد يعنيها شيء سوى الإشادة بأنجيــلا ميركل التي تشغل منصب مستشار المانيــا، لأنها وافقت على استقبال السوريين والعراقيين كلاجئيين في بلادها . تحولت هذه المرأة بقدرة قادر إلى قديسة، وحمامة سلام تخفق بجناحيها البيضاويين تنشر الطمأنينة والمحبــة بين الناس الخائفيــن. ميركل العضو الاستراتيجي في حلف الشر الأطلسي الذي تقوده إمبراطورية الإرهاب الأولى في العالم أصبحت نبية من أنبياء هذا الزمان. ليس في ذلك غرابــة ما دام العرب لا يقرأون بعقولهم بل بمشاعرهم، وهذه سمة قديمة فيهم وراسخة رسوخ الجبال. فالموقف الذي يشاهدونه أو يتعرضون إليه يتم التعامل معه وفقا لما يثيره في نفوسهم من عاطفــة وانفعال، ولا يخضعونه لعملية تحليلية يكون أساسها العقل والمنطق. ولو فعلوا ذلك لعرفــوا إن السياسة ولا سيما في الغرب لا تعرف شيء إسمه الإنسانية فكل مواقفهم تتم بحساب دقيق ومنهج صارم وغايــة محددة .
العراقيـون مبهورون بوجه ميركل الطفولـــي، وابتسامتها الحلــوة ولأنها استضافت اللاجئين جعلوا منها ملاك سماوي . لكن ألمانيا ليست وحدها من سمحت للنازحيــن باللجوء إليها . الملك الأردني سمح لهم كذلك . واحتضن في بلاده ما يقرب من 20% منهم على الرغم من الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه الأردن . العراق أيضا دخله السوريون عبر منذ ربيعة وتقدر أعدادهم ب 30 ألف لا جيء . مصر المسكينــة التي تعج بالأزمات فيها ما يقرب من 180 ألف لاجئ سوري. في تركيــا هناك ما يقرب من 250 ألف لاجــيء. لكن العبء الأكبر يتحمله لبنان الذي استقبل ولا زال 1،3 مليــون لا جيء برغم أوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية المضطربــة .. وكل هذه الدول المذكورة تقدم خدماتها للاجئين بصورة جيــدة . فلماذا لم يصبح زعماء هذه الدول ملائكة وقديسين وأنبياء كما أصبحت ميــركل؟.
إنها عقدة الخــواجة التي تعني الشعور بالنقص والدونية تجاه الإنسان الغربي، وإحاطته بهالة من الانبهار والإعجاب المفرط بحيث لا يرى فيــه سوى الجانب المشرق بينما يختفــي جانبه الآخر المظلم خلف سحب كثيفة من المشاعر والانفعالات السلبيــة . لا تنفخــوا كثيــرا، ولو أمعنتم النظر جيــدا لوجدتم بأن ميركل وحلفها المشؤوم سبب جوهري في كل مصائبــكم ونكباتــكم وأمراضكم المزمنـــة . لا تنفخــوا كثيرا وإلا فما هو الفرق بينكم وبيــن أصحاب العقائد المحنطة الذين ينظرون لزعمائهم كوكلاء لله على الأرض ؟!.
طارق الربيعي