أقلام حرة

أضاءات (1): الثقافه التي تقاوم الفساد المالي والأداري

ayad alzouhiriأنتشار الفساد المالي والأداري في أي مجتمع من المجتمعات هي بالحقيقه شهادة عدم حسن سلوك لهذا المجتمع، وأن ما نراه ونسمعه ونلمسه من ظاهرة الفساد الضاربه أطنابها في مجتمعنا والتي تكاد تعصف به، هي ظاهره أجتماعيه بأمتياز، وهي ليس كما يتصورها البعض بأنها ظاهره حكوميه فقط، وهذا بالحقيقه هو تجني على الواقع وبعيد عن الموضوعيه في التشخيص، وعلينا أن نقر بها بأنها ظاهره شامله ومتغلغله في كل مفاصل مجتمعنا، وهذا الأعتراف والأقرار بها هو أول مراحل محاربتها بعيدآ عن المجامله لأن هناك الكثير ممن يجامل الشرائح الأجتماعيه ويتملق لها بل هناك الكثير ممن يخشاها لأسباب كثيره ومنها نية البعض للصعود على المسرح السياسي العراقي،لذا تراه يلهب بسوطه على ظهر الحكومه، ومن جانب آخر يدغدغ مشاعر الجمهور والذي يرتع الكثير منه في مستنقعات الفساد، وأنا شخصيآ . أقولها وبصراحه لا أخشى الحكومه لأن هامش الحريه لا بأس به وحرية الرأي مكفوله، ولا ترتعد فرائصي من الجمهور عندما أشير الى موقع الفساد ولسبب واحد هو أنني لا طمع لي في موقع وظيفي ولا رغبه لموقع سياسي يكون صوت الجمهور سلمآ للوصول اليه، لهذا أمارس حريتي في الكتابه كما أشاء وكما أعتقد.

لا شك ما للفساد المالي والأداري من آثار سلبيه خطيره على الدوله والمجتمع ومن هذه الآثار هو ضعف ثقة المواطن في المؤسسات الحكوميه والأجتماعيه، سواء كانت هذه المؤسسات رسميه أم غير رسميه مما يفقدها قيمتها الأعتباريه في الأوساط الشعبيه، وهذا سوف يطعن في شرعيتها، مما يفتح الطريق واسعآ لأنهيارها.

دائمآ الأجواء المشبعه بالفساد المالي والأداري تساهم في تشكيل بيئه حاضنه بل ومشجعه لظهور الممارسات التجاريه والماليه المشبوهه والبعيده كل البعد عن الشفافيه، والتي تكون من أعراضها تشويه المنافسه الشريفه في كل الأنشطه الحياتيه.

كما أنه من مميزات الفساد، أنه يعمل في التخفي ويصعب تميزه، لكن ليس من الصعب أكتشافه، ومكافحته، حيث مع الجهود الهادفه يكون من الممكن الوقايه منه.

السؤال ما هو الفساد؟

الفساد هو عباره عن أشكال مختلفه من التعسف في أستعمال السلطه، رشوه، محاباة الأقارب، المحسوبيه مضاف اليها الجرائم والسرقات والأحتيال، الخيانه لأهداف هذه المؤسسات. القارئ يعرف تمامآ ان كل هذه المفردات موجوده في المشهد العراقي الآن، بل وبصورته القاتمه والبشعه، ومن هذه الصوره يمكننا تعريف الفساد (بأنه أستغلال الوظيفه العامه لتحقيق مكاسب شخصيه أو فئويه سواء كانت حزبيه أو عشائريه أو مناطقيه أو مذهبيه بيعيدآ عن أو على حساب المصلحه العامه).

أن التغير في تركيبة المجتمع الأقتصاديه والأخلاقيه يمثل عاملآ حاسمآ في ظهور أو ضمور الفساد المالي والأداري. أنها عمليه مركبه يتداخل فيه الأقتصادي والقيمي والثقافي، حيث تصورات المواطنيين عن فهم ظاهرة الفساد على أنها ظاهره حكوميه فقط وليس لها أمتدادات شعبيه، وهذا هو عين الخط الذي يقع فيه الكثيرون في تشخيص هذه الظاهره.، على أعتبار أن الحكومه هي من صلب المجتمع.

القوه المحركه للفساد:

السلطه الحكوميه متمثله برجل الخدمه (الموظف) يمارس سلطه على المواطن أو المؤسسات الأخرى. قرار هذه المؤسسات الحكوميه التي تقاد من قبل موظف حكومي ممكن أن تنتج نتائج غير مرغوبه على من تقع عليه هذه القرارات سواء كان أفراد أو شركات أو منظمات مجتمع مدني.

في أكثر الدوائر الحكوميه يوجد موظف ما لا يبدي أي حماس أو أخلاص نحو عمله، وهذه الحاله طبعآ لها أسبابها الذاتيه والموضوعيه، أما بالنسبه للأسباب الموضوعيه يمكن حصرها بالأتي:

أما أن يشعر الموظف أو العامل من عدم الأمان من خلال طبيعة توظيفه وخاصه ما يسمى بأصحاب العقود المؤقته والتي تشكل جانبآ مقلقآ للعامل أو الموظف، وأما أن يشعر بأن عمله لا يقيم بما يستحق مما يشكل حاله من الأحباط له والتي من تداعياتها الامبالاة والتسيب الأداري ورمي الحبل على الغارب، وأشاعة روح الأهمال عند هذا الموظف نتيجة تجاهل عمله المخلص، والذي يزيد الطين بله عندما يتكافئ السيئون بسبب المحسوبيه والمنسوبيه في هذه الدوائر، كذلك لا يمكن التقليل من شأن المشاكل الأقتصاديه التي يعاني منها بعض الموظفين وخاصه من ذوي النفوس الضعيفه مما يسهل عليهم الدخول في عمليات فساد أداري ومالي كمورد مالي أضافي لهم. كما أن هناك بعض الباحثين من يضيف سببآ آخرآ لظاهرة الفساد الا وهو عدم وضوح القوانين ولوائح العمل في مؤسسات الدوله مما يفتح المجال واسعآ للمتربصين لأستغلالها لمصالحهم الخاصه. في دراسه يذكرها أحد الباحثين السويدين هو أن البوليس السري السويدي أحصى عام 2012 عن وجود 114 حالة فساد أداري ومالي، والتي صنفها من ضمن الجرائم المنظمه، فما بال القارئ عن الأعداد الفلكيه لجرائم المحسوبيه والمنسوبيه في العراق والتي من تداعياتها أن أصبح البلد على حافة الأنهيار الأقتصادي.

من المؤسف أن مثل هكذا أنواع من الجرائم تحصل في القطاع الحكومي أكثر من القطاع الخاص تحت ذريعة أن المال العام هو تحت عنوان مجهول مالك، وهذه مغالطه كبيره وسؤء فهم فضيع، يكون أحد أسبابه جهل المواطن لهذه المفاهيم، وكأنه لم يسمع بحديث الرسول الأعظم (ص) حين قال (من غشنا ليس منا).

 

أياد الزهيري

في المثقف اليوم