أقلام حرة

فوزAKP بالغالبية تزوير سبق ورافق الانتخابات البرلمانية التركية المبكرة

abdulghani aliyahiaلو كان حزب الشعوب الديمقراطي HDP الخاسر الوحيد في الانتخابات البرلمانية التركية المبكرة التي جرت في 1-11-2015 لحق أنذاك قول بعضهم من ان العمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني PKK التي وصفوها بالأرهابية هي التي تسببت في خسارة HDP إلا أن سؤالاً هنا يطرح نفسه: ومن الذي تسبب في تراجع الحركة القومية التركية MHP في تلك الانتخابات وأن يفوز حزب الشعب الجمهوري CHP بمقعد واحد خلافاً لتوقعاته اي CHP (ويشهد حزب السعادة انهياراً كبيراً بعدما حصل على 068،%.)

ولنفرض ان عمليات PKK تلك كانت وراء تقهقر HDP ، عليه والحالة هذه، اما كان جديراً بحزب العدالة والتنمية AKP أن يمنى بهزيمة كبرى ايضاً، إذا علمنا ان العمليات العسكرية الارهابية التركية ضد الشعب الكردي على جانبي الحدود العراقية التركية ومذابحها في (جزيري) و(سركلي) و(زاركلي).. الخ في الفترة المحصورة بين انتخابات 7 حزيران وا تشرين الثاني والتي فاقت بما لا يقاس تلك العمليات التي نفذها PKK والتي أي العمليات التركية كانت السبب في مقتل المئات من القوات الامنية التركية واقامة الماتم في طول البلاد التركية وعرضها والتي زادت من النقمة على AKP وعلى حكومته؟

لقد جاء تراجعAKP ذو التوجه الاسلامي في انتخابات السابع من حزيران الماضي، في إطار الهزائم النكراء التي منيت بها الاحزاب الاسلامية الحاكمة في مصر وتونس والمغرب، غير أن نهوضه AKP في الانتخابات البرلمانية التركية المبكرة بدا وكانه استثناء عن القاعدة، ناهيكم من ان استطلاعات الرأي وتنبؤات المحللين السياسيين سبق وان اجمعت على نكسة مرتقبة جديدة ل: AKP في الانتخابات المبكرة تفوق تلك النكسة التي المت به في حزيران الماضي. كما ان الاحزاب CHP وMHP وHDP كانت تتحدث بثقة تحت تأثير من اجواء المد الذي عاشته عقب انتخابات حزيران، عن فوز اكبر لها في انتخابات تشرين الثاني المنصرم. لكنها وبقدرة قادر وبين عشية وضحاها تحولت من المد الى الجزر ومنافسها AKP من الجزر الى المد وسط اسباب غير مقنعة في الحالتين.

اسئلة عدة تلح على الاجابة لفك وحلحلة التطور شبه اللغز الذي قلب التوقعات رأساً على عقب منها: كيف نهض AKP من كبوته في غضون أقل من (5) اشهر ليحقق الغاليبة من المقاعد التي تجيز له الانفراد بتشكيل الحكومة؟ في وقت لم يحقق طوال الفترة الاقل من (5) اشهرتلك، انجازا اقتصادياً أوسياسياً أو عسكريا لكي يسترد ثقة الشعب به، وعلى ذكر الاقتصاد، فان الاقتصاد التركي يعاني من تراجع بين منذ سنوات. فضلاً عن هذا فأن النهوض من نكسة سياسية يتطلب زمناً اطول من النهوض من نكسة عسكرية. دع جانبا القول من أن الوقائع تنفي شرطاً هاماً من شروط (انتصار) AKP وهي انه في الفترة المحصورة بين العمليتين الانتخابيتين التركيتين، تزايدت الاتهامات لتركيا بدعم تنظيم الدولة (داعش) ومن بين الموجهين للاتهامات اليها، الصين ودول غربية و اسرائيل ايضاً ومعظم القوى السياسية الكردية وغير الكردية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، والتي كان من المفترض ان تلحق (الاتهامات) ضعفاً اكثر ب AKP. ومن الاسئلة أيضاً هل من المنطقي ان تكون الاصوات التي نالها AKP في المنطقة الكردية بتركيا في الانتخابات المبكرة ضعف الاصوات التي نالها في المنطقة نفسها في انتخابات حزيران الماضي؟ والمنطقة تلك كما يعلم الجميع تعاني من حالة غليان ضد الحكومة التركية جراء تكثيف الاخيرة لغاراتها الحربية والبوليسية ضد الكرد داخل تركيا وكردستان العراق وسوريا وما تزال؟

في البلد المتعددة القوميات والاديان والمذاهب مثل تركيا غالباً ما يكون الحزب الشمولي مرفوضاً، فكيف استطاع AKP الاسلامي السني والتركي القومية الفوز؟

لقد شكك صلاح الدين دميرتاش في نزاهة الانتخابات المبكرة تلك قائلاً: ( ان التنافس) بين مختلف القوى لم يكن عادلاً) وقبل ذلك اقدمت حكومة AKP على محاولات استهدفت HDP ففي الفترة ال(5) أشهر بين العمليتين الانتخابييتين اعتقلت السلطات اكثر من 500 مسؤول في HDP مع حرق وتدمير نحو 190 مقراً له إضافة الى مقتل 258 مدنياً و 33 طفلاً جميعهم من الكرد.. الخ من الاضطهادات التي سلطت على الكرد و HDP لأجل ان يدخلوا في خسارة كبرى في الانتخابات المبكرة، ولقد تم لحكومة اردوغان ما أرادت، واللافت للأنتباه ان الهجوم على الكرد وعلى مختلف الصعد لم يتوقف الى الان.

السيد عبدالفتاح رئيس مركز القاهرة للدراسات لكردية يقول: (لعبت العمليات الارهابية التي استهدفت مظاهرات وتجمعات لأنصار واعضاء حزب الشعوب وادت الى مقتل المئات منهم سواء في سروج أو انقرة الى تخويف مؤيدي الحزب وارهابهم الى حد ما) ولم تكتف حكومة اردوغان بهذا بل راحت تشوه سمعتة HDP من خلال (اتهامه بالكفر والزندقة ومعاداة الدين) حسب السيد عبدالفتاح الذي لم يغفل (اجواء الفوضى التي اشاعها النظام التركي والتي لعبت دوراً كبيراً في توجيه الاتراك) و(ترى اوساط معارضة لأردوغان ان هذه النتائج لاتعبر عن تزايد شعبية AKP بقدر ما تعبر عن قيام AKP ومعه الحكومة بعمليات تزوير وشراء اصوات واستعانة برجال أمن وقضاة للاشراف ونقل الصناديق الانتخابية، فضلاً على الدفع بحشود من أنصار AKP للتصويت اكثر من مرة اعتمادا على أنه لايتم استخدام الحبر الفسفوري عقب الادلاء بالصوت).

ويتبين أن الهدف من اجراء الانتخابات المبكرة كان لعرض ضرب الكرد وHDP واضعافهما بدرجة اولى، والذي أي الضرب تواصل الى ما بعد الانتخابات كذلك، فبعد مرور أقل من 30 ساعة على تلك الانتخابات قصف الطيران الحربي التركي مناطق كردية في هكاري بتركيا و 70 قرية في قضاء العمادية داخل كردستان العراق مع فرض نظام منع التجول على أحياء في دياربكر ومواصلة شن جملات اعتقالات واسعة بحق النشطاء الكرد في كبريات المدن الكردية والتركية في تركيا.

   نعم ان الهدف من الانتخابات التركية المبكرة جاء لأجل الحاق الهزيمة ب HDP والشعب الكردي والانتقام منهما للفوز الذي احرزه HDP في انتخابات حزيران. ولقد عبر أحمد داود أوغلو عن ذلك الهدف بشكل غير مباشر حين قال بعد اعلان نتائج الانتخابات المبكرة: (في حزيران أرادوا كسرعمودنا الفقري ولكن بفضل الله تعالى حققنا نصراً كبيراً). بهذا الشكل راح أوغلو يضحك على ذقون الناس بعد ان احرز حزبه (النصر) ليس بفضل الله إنما بفضل البطش والتنكيل الذي مارسته حكومته ضد HDP والشعب الكردي. إضافة الى ما ذكرت فأن الفوز المزيف ل: AKP كما أرى كان مشروطاً بعودته الى بيت الطاعة الامريكي، وتخصيص قاعدة انجرليك أمام الطيران الحربي الامريكي، وتحويل حكومة تركيا الى حكومة حرب على روسيا وايران وسوريا. ومن شروط حكومة الحرب، قمع المعارضة وازالة العقبات التي قد تعرقل عمليات حكومة الحرب. صدام حسين من قبل أن يقدم على حربه على ايران واثناءها، قضى على النشاط العلني للحزب الشيوعي العراقي واثناء الحرب سلط الانفال على البارزانيين والفيليين وابادة القرى الكردية، ثم لاذ باسلاح الكيمياوي ضد الكرد والعودة الى الانفال لشمول عشرات الالوف من الكرد بها. ان ما فعله صدام تفعله تركيا الان، وللتحالف الدولي بقيادة امريكا مصلحة صميمة في ما تفعله تركيا لاجل وقف الاندفاعات الروسية في الشرق الاوسط، ويأمل الغرب ان تكون تركيا السد الاكبر لتلك الاندفاعات. وهكذا كان لا بد لأمريكا والغرب من ضمان الفوز ل: AKP في الانتخابات وبأي ثمن كان. و ربما هنا لك أسباباً اخرى وراء فوز AKP بالانتخابات موضوع البحث.

ان فوز AKP لن يؤدي الى الامن و الاستقرار في تركيا كما يروج لهم، بل سيزج الاخيرة وشعوبها في حروب وازمات لن تنتهي الا بانهيار تركيا وتقسيمها، والمقال في طريقه الى النشر، اعلن PKK عن الغاء الهدنة التي اعلنها قبل اسابيع سبقت الانتخابات ومن جانب واحد مع تركيا، وسوف يترتب على ذلك قتال واضطرابات ومحن اشد تدفع ضريبته شعوب تركيا حتماً، وليس ببعيد ان يبعث النشاط من جديد في احزاب الاخوان المسلمين واعادتها الى السلطة من جديد في مصر وتونس والمغرب وذلك لمقتضيات الحرب التي تشنها واشنطن فتوسيع دائرتها فهذه الاحزاب الى جانب الاسلام السياسي المتطرف من مقومات بقاء المنطقة مشتعلة وتواصل الحروب.

 

عبدالغني علي يحيى

 

في المثقف اليوم