أقلام حرة

ما عاد في الإمكان تغيير "الكاستنغ"

أمس شاهدتُ فيلما من أفلام سيدة الشاشة العربيّة الراحلة فاتن حمامة، هو "لا أنام"، عن قصّة الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وهو من إنتاج عام 1957.

أشهدُ أنني من المعجبين بفاتن حمامة شخصيّة وتمثيلا، فهي تذكّر بالفتاة الجميلة المؤدبة التي مثّلت ولوقت طويل فتاة أحلام كلّ من يهوى هذا الصنف من الفتيات: الجميلات اللطيفات المؤدبات.

أمّا في هذا الفيلم فقد جسّدت الفتاة الجميلة المؤدبة دور البنت الشريرة الخبيثة التي لا تكفّ عن التآمر والفبركة لتخريب العلاقة بين أبيها وزوجته الثانية الطيبة لمجرّد أنّه تزوجها على أمّها.

كرهتُ فاتن، التي لم تكن في هذا الفيلم حمامة بل صقرا وعقابا وبوما. فقد تغيّر دورها وابتعدت عن صورتها النمطية التي ترسّخت في أذهان محبيها ومحبي فنّها.

هذا عن التمثيل والممثلين. أمّا في الأدب الإسباني فهناك مقطوعة شعرية مغناة للشاعر خوسيه أغوسطين غويتيسولو عنوانها " كان يا ما كان " وهذا نصها:

كان يا ما كان...

يحكى عن ذئب صالح كانت الحملان تسومه سوء العذاب...

ويحكى عن أمير طالح وساحرة رائعة وقرصان شريف...

رأيت ذلك كلّه في منامي وأنا أحلمُ بعالم مقلوب.

فاتن غير حمامة وذئاب تظلمها الخراف وقراصنة شرفاء يجوبون البحار لنشر الفضيلة وساحرات تقيّات لا يطرن على متن مكنسة ولا يحوّلنَ الأمراء ضفادع..

 

هذا هو العالم الذي يحاول رجال سياستنا أن يزيّنوا للناس أنّه عالمهم.

ولكن هيهات، فقد "لبسهم" الدور ولبسوه، وما عاد من سبيل لأن نرى (اسطيفان روستي) داعية دينيا أو مصلحا اجتماعيا ولا أن نرقب (سامية جمال) وهي تعود المرضى أو تمسح دموع المعدمين...

ما يقلق أنّ هناك مَن يؤمن عامدا أو غافلا بأنّ (اسطيفان روستي) هو شيخ تكية حقيقي أو صار كذلك مؤخرا. وبأنّ (سامية جمال) أو (قوت القلوب) هما ورابعة العدوية صنوان. 

 

د. بسّام البزّاز

 

في المثقف اليوم