أقلام حرة
عبد الصاحب الناصر: فاز ترامب لأن بعض المصوتين جهلاء
من المفترض في الانتخابات بالاخص في البلدان الديمقراطية ان تأتي النتائج لتؤكد رغبات وخيارات الناس . لكن ماذا لو لم تكن عند هؤلاء الناس أدنى فكرة عما فعلوه؟ وليس لديهم اي علم بما صوتوا عليه .
ما حدث في امريكا اول امس ان دونالد ترامب قد تمتع بدعم هائل من المصوتين لكن اكثرهم من غير المتعلمين او من ذوي المعلومات الواطئة بصورة عامة، وكان اكثرهم من البيض. عندما رشح ترامب نفسه لاول مرة، قبل ثمانية عشر شهرا، قيم اصحاب الرهانات حظه بالفوز من واحد الى مئة وخمسون (١/١٥٠)، لكن من الناحية الثانية، وفي اغصطس من السنة الماضية كانت هيلاري كلنتن تتصدر الباقين بخمسة وعشرون نقطة . وهذه نسبة عالية جداً مقارنة في اي تقييم لأي انتخابات .و كان المصوتون لها اكثرهم من ذوي التعليم الجامعي . كما حصل لباراك اوباما مقابل " مت روني " في انتخابات سنة ٢٠١٢ .
لقد شاهد العالم في يوم اول امس حدثا تاريخيا .سماه المثقفون الامريكان بأنها ربما" رقصة البلهاء ".
قدمت دراسة طويلة استمرت خمسة وستين عاما قام بها علماء السياسة، لدراسة ما يعرفه الناخبون وكيف يفكرون عندما يصوتون . وكانت النتائج مخيفة. الناخبون عموما يعرفون من هو الرئيس ولكن ليس أكثر، إذ لا يعرفون أي حزب يسيطر على الكونغرس، او ما قام به الكونجرس مؤخرا، او ما إذا كان الاقتصاد الحالي هو الأفضل أو الأسوأ وبكم اسوأ.
ففي الانتخابات الرئاسية لعام 2000، كان يعرف معظم الناخبين ان آل غور أكثر ليبرالية من جورج دبليو بوش، ولكن أقل بكثير من النصف منهم كانوا لا يعرفون أن آل غور كان أكثر تأييدا لحقوق الإجهاض واكثر مع حقوق الانسان، أكثر دعما لبرامج الرعاية الاجتماعية محليا او دوليا، وكان يدعوا الى درجة أعلى من المساعدات للمواطنين السود، وكان أكثر دعما للنظام البيئي العالمي .لكن الناس صوتوا لجورج دبليو بوش .
كما يدعي ويتمنى مناصرو ترامب بانه يدين بانتصاره اول امس الى تعزيز قوى النظام، ولكن لم يكن ترامب وحده فقط من يقف مع القوات النظامية او مع القانون.
كتب السيد " جيسون برنان (Jason Bernann ) مقالة تحليلية عن انتخابات اول امس، نشرت على صفحة " مجلة السياسة الخارجية " توجها بهذا العنوان الوسع الكبير .
) Democracy is supposed to enact the will of the people. But what if the people have no clue what they’re doing?(
وانا استعرت بعض تحليلاته لاعتقادي ان هذا الموضوع يهم الحالة (الديمقراطية) في العراق كما نعرفها ونعرف المصوتين ومستوى تعليمهم .
صحيح ان مستوى التعليم في الولايات المتحدة اعلى بكثير مما هو عليه في العراق . لكن الامريكان من الناحية الثانية، اقل رغبة واطلاعا بالسياسة وخصوصا السياسة الدولية، التي يريدون ان تقودها الولايات المتحدة الامريكية، وهم حتى اقل ادراكا من ناحية مستوى الاقتصادي العالمي ولا علم لهم بدور امريكا حتى حين يطالب ترامب بان تتحمل كوريا الجنوبية كلفة حمايتهم من قبل امريكا ولتصرف كلف القواعد والجيش الامريكي .
ان انتخاب ترامب يشابه يوم انتخاب رونالد ريغن . وهذا ما يعتز ويفتخر به اكثر من انتخب ترامب كما كان حديثنا معهم، انهم يعترفون ان ريغن لم يكن ملما بالسياسة وبالاقتصاد، لكنهم يحللون ان ريغن تعلم بسرعة وانه كان محاط بخبراء في جميع المواضيع، ويؤكدون ان هذا ما سيحدث لدونالد ترمب، وهذا بحد ذاته اعتراف بجهل ترامب . لكنهم تناسوا ان في زمن ريغن تم تاسيس القاعدة، ثم الطلبان، والحرب في افغانستان والحرب العراقية الايرانية، كلنا يتذكر فضيحة (ايران كيت) وكيف بيع السلاح لكلا البلدين بحجة تمويل الحرب على القوات السوفيتية في افغانستان ولتمويل الافغان العرب، صرفت امريكا اكثر من نصف بليون دولار قابله نصف بليون دولار اخر من السعودية الوهابية في تمويل تلك الحرب .
هنالك فرق شاسع بين مسيرة التمدن وبين المسيرة الثقافة والعلمية في كل العالم .
لا شك ان ترامب سيحيط نفسه بخبراء لكل المواضيع، لكن سيبقى تاثيره على مجمل السياسة الخارجية وهذا ما يهمنا نحن في العراق .
وعن تاريخ السيد دونالد ترامب قبل صعوده في سلم السياسة .
شريط الفيديو في ادناه يعطينا فكرة عن مسيرة حياة ترامب منذ شبابه اللعوب كزير نساء، وهل من المنطق ان يقود العلم شخص له هذا التاريخ المخزي؟. الشريط باللغة الانكليزية
Donald Trump's Sexual Affairs
https://www.youtube.com/watch?v=erKZ38iB-Gc
حيث كازينوات القمار والنساء وعدم دفع الضرائب وهكذا .
اننا لا نملك نظاما آخر انقى واكثر انصافا من النظام الديمقراطي حاليا .لكن مشكلة هذا النظام، انه اول ما يتطلب من المصوتين ان يعرفوا :-
١- ان تعرف الناس انهم يصوتون على ماذا .
٢- ان تعرف الناس انهم يصوتون لمن .
٣- ان تعرف الناس برنامج وسياسة من سيصوتون له .
٤- والاخير وهو الاهم، ان تعرف الناس تاريخ من يصوتون له .
هل عرف كل الشعب الامريكي تاريخ دونالد ترامب؟، كما هو موضح في شريط فيديو في اعلاه؟. ان الايام فقط ستوضح لنا ما صوت الناس عليه، وسنعرف (نحن) ما لو كنا منصفين لهذا الرجل ام جاحدين بحقه. وكلمة اخيرة، لماذا علينا ان نكون حقل لتجارب الاخرين؟.
عبد الصاحب الناصر