أقلام حرة

عبد الصاحب الناصر: عن الـ NGOs.. صراحة لابد منها

abdulsahib alnasirمن عايش احداث العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يلاحظ مع الاسف، تشابه واختلاف كبيرين في نهج المنظمات غير الحكومية، منذ كانت غالبية تلك المنظمات خاضعة لما سمي بالديمقراطية العالمية التي سيطر عليها الاتحاد السوفيتي، والدول السائرة معه، منظمات مثل اتحاد الطلاب العالمي، والشبيبة والنساء وحركات السلم، ونقابات العمال وغيرها . وتعلم العالم الغربي الراسمالي اهمية هذه المنظمات، واخذ يستولي عليها تدريجيا بالأخص بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وانهيار المعسكر الاشتراكي، وكما استوالى صدام على بعضها في اوسط السبعينات . فكلا الطرفين مولوا بسخاء هذه المنظمات مباشرة وغير مباشره وجعلوا منها هيئات تنتعش ماديا لتحكم ولتقرر ولتنشر وتروج الى  ما يرغبون به .

اذاً هم خلقوا بيروقراطيات ارستقراطية دون الاحساس بخطورة من يستعينون بهم وان  يوم  عدم حياديتهم . واصبحت ادارات وقيادات معظم تلك المنظمات سلطة بذخ واستعلاء . واجتذبت لها كثير من المتعلمين ممن استهوتهم المناصب بكل لذاتها واغراءاتها ومنافعها، ومن مواطني كثير من بلدان العالم الثالث، يدعون "العالمية "، بالأخص البلدان التي تحت انظمة التعسف والارهاب.  فاصبحت تلك القيادات تجار كلمة واخبار ونشرات عالمية، يخيف بعضها حكام دول كثيرة، بالاخص حكام بلدان العالم الثالث، كما اصبحت تلك القيادات كالسوط بيد  حكام بلدان العالم الغربي " الديمقراطي"، يستغلونهم كيفما ومتى يشاؤون .

و انتمى لاغراءاتها  اشخاص كثيرون من النساء والرجال، انتمى  كثير منهم من اجل الشهرة والمنصب والمال، ومن اجل  ما ياتي معها من نعمة وتخمة وسفر واجتماعات واغراءات اخرى نستحي البوح بها في مقالة كهذه .

و كان الشرط الأهم في توظيف من يرغب بالانتماء لها، ان يكون من بلدان العالم غير الغربي،  يقودهم اشخاص من العالم المتحضر الغربي، وان يعمل هؤلاء الجدد بما يمليه عليهم قادتهم وان يكتبوا ما يشير عليهم القادة . كما  يوجد شرط غير مكتوب، بان يكون هذا الراغب بالانتماء من الاقليات في تلك البلدان على اعتبار بانه سيقول ما لا تقوله الاكثرية، بهذا سيفتح الطريق لاحتمالات قد تكون مخفية على العالم والتي ستثير جدلا عسى ان يكون  مفيدا .

يتلقى موظفو هذه المنظمات رواتب عالية مع كل ما يدعى " بالمزايا الإضافية " وأجور السفر والاقامة في فنادق راقية  ووو، الخ.

اثارت الآنسه (بلقيس ولي) من اصل يمني قبل ستة ايام جدلا غير عادل عن *(تجاوزات الجيش العراقي والبيشمركة)، وطبعا عن الحشد الشعبي، لا إنسانية قياسا بمستوى انسانيتها اليمنية. أردت ان اكتب بالتفاصيل عن هذه الآنسة التي تتنقل بين لوزان وجينيف ولندن ونيويورك لتؤدي واجباتها "الانسانية" من مراقص وبارات قنادق النجوم الخمس . لكني لم ارد ان اجعل من هذه "الانسه" بطلاً  اجتماعي انساني، بعد ان بحثت عنها وعن تاريخها وعلاقاتها، من مصادرها هي، من الفيسبوك ومن موقعها على لائحة منظمتها، وهكذا . وبعد ان كتبتُ لها رسالة انتقد تقريرها الذي نشرته وكالة رويتر، العالمية، لاعطيها الفرصة لتجيب على تساؤلاتي . لم تجب بعد، الا انني وبعد ان نشر تقرير من منظمة امنستي انترناشونال، amnesty  international الاخير، الذي كذبه حتى ممثل الامم المتحدة في العراق امام مجلس الامن . قررت ان اكتب عن هؤلاء العصبة المتخمة المتاجرة بدماء الابرياء .

*ملاحضة مهمة . كانت هذه المنظمة بالاخص،  تقف مع الشعب الكردي على طول الخط، بحق او بطلان . الا انها وبعد ان انضمت واصطفت البيشمركة الى صفوف الجيش العراقي تحت قيادة  عراقية موحدة، انقلبت ١٨٠ درجة واخذت تتهم البيشمركة كما تتهم الجيش العراقي والحشد الشعبي، بحجة التجاوز على حقوق الانسان . يا سلام على الحياد وعلى الامانة الانسانية  وحقوق الانسان !.

انا من مواليد سنة ١٩٤٠، ولي اطلاع على مثل هذه المنظمات بكل اتجاهاتها، الشرقية والغربية، واعرف عن تصرفاتهم وتعاليهم ومناصبهم المغرية التي تمولها بلدان تستغلهم وهم راضون، بل  وفرحون بهذه المناصب الفخمة .

تولدت "عصبة " متنعمة ممن هم على المستوى الاقل من القيادات العليا، اي على المستوى الثاني في القيادة . يحتفظون ويحمون مجتمعهم وعلاقاتهم، ولا يسمحون لأي انسان ان يدخلها الا اذا جاء باغراءات شخصية، كالبنات الشابات، المتحررات، الاكثر انفتاحا مما هم عليه في بلدانهن. واعرف كثير من هؤلاء البشر عن قرب. لكني لا أريد البوح باسرار شخصية .فقررت ان اتخذ من هذه الآنسه " بلقيس" مثالاً لاكتب عن منتسبي هذه المنظمات العالمية .

كتبت بلقيس تقريرها عن العراق من مدينة جنيف  بعد عودتها مباشرة من اجازة قضتها في احد البلاجات الخاصة في بحار الله لغير عباده الآخرين، وهي من نشرت صورتها على حافة البحر من على صفحتها على الفيسبوك، كتبت تقريرها معتمدة على اقوال ناس لا يتواجدون اصلا في ساحات معركة تحرير نينوى، في وقت كان بامكانها او بامكان منظمتها ان ترسل مراقبين لجبهات القتال ليتوصلوا الى حقيقة الامر، كما فتح العراق الباب لكل وكالات الاخبار العالمية وقنوات التلفزة، ليأتي تقريرها من موقع الاحداث .ثم الحقته بمقالة ومقابلة من السويد تتهم العراق بخرق الاتفاقات الدولية فيما يخص حقوق الانسان، بل تطلب من دولة السويد ان توقف مساعداتها للعراق وشعبه .لماذا هذا الجحود والحقد والكراهية لشعوب مظلومة اصلا ؟ وهل يوجب موقعها في هذه المنظمة ان تكتب لترضي اسيادها، ام لتكتب الحقيقة كما تدعي هذه المنظمة .

سيتصور الناس اني اكتب عن غيرة او عن حقد مسبق .لكني اعيش في لندن مدة طويلة واعرف عن التمدن  والتحضر والديمقراطية الحقيقية في بلدها المؤسس .

و كمثال عن هكذا منظمات، تم تعيين السيد نوري عبد الرزاق حسين  عن " العراق " أمينا عاما لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية  التي تأسست سنة ٥٧ من قبل الراحل جمال عبد الناصر، كتحالف آخر يساند  دول عدم الانحياز بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي، ومقرها القاهره -  مصر، وعين نوري عبد الرزاق حسين / عن العراق سنة ١٩٦٥، ومازال الى يومنا هذا كسكرتير عام لها، اي منذ ٥١ سنة، ما هو انتاجه؟، حتى اشجار النخيل  تثمر وتنتج بعد أربعة أعوام !.

و كانت اكثر هذه المنظمات مخترقة من قبل الصهيونية العالمية بحجة التفاهم الديمقراطي لحلحله القضية الفلسطينية ! ضمن حملة السلم الآن المشكوك بامرها .

لكن الحقيقة التي يجب ان تذكر كذلك  هي أن هناك منظمات عالمية حقيقية حافظت على حياديتها واستقلاليتها ونشاطها الى هذا اليوم، وهي:

١- CND  - Campaign for Nuclear Disarmament، التي اسسها الفيلسوف البريطاني اللورد بتراند رسل

٢-medicine san frontier، منظمة اطباء بلا حدود العالمية

  التي اسستها الاميره الراحله ديانا .The royal anti-land mine crusader٣-

٤- ومنظمة  (Give Well) التي تعمل بها الممثلة الامريكية انجلينا جولي

ليس مدعاة للفخران نشكك بمنظمات انسانية في عصر الغطرسة الامريكية، العصر الذي نحتاج الى اي مساعدة من اي انسان في تسهيل وتوضيح  امور الناس التي تناسى العالم معاناتهم . لكننا نشك بمن يستغل هذه المنظمات لتمرير مخططاتهم اللا إنسانية بغطاء إنساني، لطموحاتهم الشخصية، لتمرير ما يراد منهم من فبركة  وتشويه الحقائق على حساب الشعوب المتعبة اصلا .

انه لمن الاسى والأسف ان يستغل هؤلاء عطف العالم وكرمه وتبرعاته، لاطماع شخصية وأهواء نرجسية تضر بمن يدعون مساعدتهم .

 

عبد الصاحب الناصر

لندن في 14/11/2016

 

في المثقف اليوم