أقلام حرة

عبد الصاحب الناصر: العودة الى المستقبل (1)

abdulsahib alnasirكل شيء يبنى على اسس خاطئة لا مستقبل له. وكل حركة تبنى على تحزبات عرقية ام طائفية باطلة، وكل تحرك سياسي تتصدره زعامات لاطماع ذاتية وشخصية مفضوحة منذ  يوم اعلانها .

سمي الدعوات الى "المصالحة " بما تشاء، مع كل اشكالها والوانها واهدافها، سوف لن تصل بالبلد الى السلام، حتى لو  سمي هذا التصالح  بـ "بالمجتمعي"، او " شراكة الاقوياء " او "المقبولية"، او المصالحة الوطنية...الخ. .كل هذه التسميات هراء  من قادة الشيعة والسنة،  فالدعوة الاخيرة التاي يقودها زعماء، همهم الاول والاخير تصدر قيادة شيعة العراق "الاكثرية العددية . القيادة المشغولة حاليا  .كيف إذا يتمكن من الدعوة الى اقامة الصلح الاجتماعي من هم مختلفون في كل شيء  فيما بينهم؟. واذا اجلنا هذا الموضوع المهم "جدا مؤقتا"، يكون السؤال هكذا:- تتصالحون مع من ؟. لنصنف العراقيين الى صنفين، 1- القادة السياسيين، 2- الشعب.

اثبتت الحرب الوطنية لتحرير الموصل ان الشعب العراقي باكثريته متصالح مع نفسه ومنذ الازل . و لكن لم تغير حرب تحرير الموصل تفكير القادة السياسيين العراقيين بصورة عامة . هم غير متصالحين ولا متحاربين  بل طامعون في تقسيم الانتصارات ومكاسبها من المواقع والمناصب بدون اي حس وطني . واليوم يستعجلون المصالحة هذه قبل عودة ابطال الحشد الشعبي من انتصاراتهم، وما هذه الدعوة الا وجه ثاني للمحاصصة  الغيضة او "لشراكة الاقوياء " و تقسيم المناصب والمكاسب، الا انها مستعجلة هذه المرة خوفا من عودة ابطال الحشد الشعبي الذين سيقومون باعادة العراق الى طريق المستقبل .

و في رأي المتواضع ان المشكلة تكمن عند بعض سياسي التحالف الوطني الذين لا يفهمون بعد ان الاكثرية العددية لا تخاف من الاقلية ولا تخاف من نتائج الانتخابات ولن تخاف من السلوك الديمقراطي، بل  ان من اهم واجباتها هو المحافظة على النهج الديمقراطي الذي  يستند الى الدستور والانتخابات والمساواة أمام القانون واحترام هيبة الدولة.و إن اختلفوا سيضروا بالنهج الديمقراطي وبمسيرة بناء الدولة العراقية .

فمن الاحسن ان تتصالح القيادات الشيعية مع بعضها قبل ان تدعو الى المصالحة مع الاخرين .

ماذا حصل في العراق خلال السنوات العشر الماضيه،  كخطوة في الاتجاه الصحيح لتكوين دولة المؤسسات؟ الا محاولة واحدة شجاعة قام بها السيد نوري المالكي عند تأسيس كتلة دولة القانون، واختلف مع الكثيرين من القادة الشيعة الذين يتاجرون في مآسي شيعة العراق التاريخية ويتباكون عن المظالم، يستغلونها ويتاجرون بها لمصالحهم الشخصية والحزبية والذاتية .الا ان الرجل اخطأ  يوم احاط نفسه بأشخاص انتهزوا خطواته تلك لمصالحهم او لعدم فهم هذه الخطوة، بالاضافة الي عداء بعض قادة الشيعة الاخرين المتخمين فاسقطوه واسقطوا معه  مسيرة بناء العراق الديمقراطي، اي دولة  الدستور والقوانين. ولم يساعده او يتحالف معه كثير من الساسة والقوى الديمقراطية او " العلمانية " نكاية بانتسابه لحزب الدعوة  فقط .فاضروا بالعراق وأضروا  بانفسهم .

لقد غيَّر قادة الائتلاف الوطني عنوان ائتلافهم  من (الائتلاف الوطني) الى (التحالف الوطني)، وكأن المشكلة بالتسميات .نفس الشيء  يحدث اليوم في مشروع المصالحة الوطنية او المصالحة المجتمعية  او سمها ما تشاء.

هنا يجب العودة الى المستقبل، اي الى تشخيص الامراض المزمنة لوضع الحلول الناجعة للمستقبل قبل اي خطوة، والا فالعراق يسير الى نهاية مأساوية، مع الاسف .

نعود الى موضوع المصالحة. هل يمكن اختصار او تقسيم الطرف الثاني، المكون الثاني، الى هذه التصنيفات . شعب  المكون السني، سياسيو السنة المنتخبون والمتخمون ايضا، المعارضون المدنيون  والمثقفون من السنة، ومن حمل السلاح وتلطخت اياديهم بالدم العراقي .

لا نحتاج الى مصالحة قيادات  المكون السني بعد أن خذلوا مكونهم ويخيفه تفرغ رجال الحشد الشعبي (العشائري) بعد تحرير اراضيهم وشعبهم من الدواعش . واحداث تحرير الموصل تؤكد ذلك .و ما اهمية مصالحة المنتخبين من السنة وهم  يشاركون في السلطة والمناصب ويتقاسمون مع قادة الشيعة المغانم والمناصب والسرقات. كما لا يجوز المصالحة مع من تلطخت ايديهم بدماء العراقيين . بقى من هم الاهم، المثقفون المدنيون وهم ينتظرون المساهمة ببناء الدولة العراقية، فلماذا لا يدعون للمصالحة او للمساهمة في بناء البلد؟.. ولكن كل هؤلاء لا يحتاجون ان يتوسط ممثل الامم المتحدة في عملية المصالحة، سياسية  كانت ام اجتماعية . ليتفضل مشكورا  من يرشدني الى اشكالية واحدة  في العالم نجحت الامم المتحدة في حلها؟.لماذا اذا سلم السيد عمار الحكيم نسخة من مشروع المصالحة الى ممثل الامم المتحدة في العراق؟ هل ليتوسط بين اطراف النزاع الدموي لا سامح الله . ؟ ام لكونه ساعي بريد عند المجلس الاعلى . وهل متصالح السيد عمار الحكيم مع السيد مقتدى الصدر او مع السيد المالكي؟.

عندما تآمر بعض  قادة شيعة العراق ونصبوا السيد العبادي بدلاً من السيد المالكي خلافا لنتائج الانتخابات، فهل نصروا السيد العبادي بعد ذلك أم تركوه، أنت وربك يا موسى وهل ساعدوه في تشكيل الحكومة ومازات اربعة وزارات شاغرة الى هذا اليوم .و  لماذا بقي منصب رئيس التحالف الوطني شاغرا لاكثر من سنة الا بعد تنصيب السيد عمار الحكيم؟ ومن سيأتي بعده لسنة اخرى يا ترى . فهل يعني ان قادة المكون الشيعي متصالحون مع بعضهم، واليوم جل همهم التصالح مع المكون السني؟.

ما هو حال التحالف الوطني اليوم . فقدت المرجعية ثقتها بهم فاغلقت ابوابها، كما فقد الشارع الشيعي ثقته بهم، وحتى ايران فقدت نصف تعاطفها معهم .فهل هذا هو تحالف متصالح مع نفسه؟ ليكون عامل يدعو الى تصالح وطني، ويسميها بـ"المصالحة التاريخية"؟؟.

ما يخيف بعض قادة الشيعة كما يخيف بعض قادة السنة (حقيقية) الامر الذي جعلهم  يستعجلون بعقد ما يسمونه بالمصالحة الوطنية او المجتمعية  او التاريخية، هو  انه  بعد تحرير الموصل من الاوباش السلفية الظلامية، سيعود ويتفرغ مارد عظيم ووطني جبار، وهو الحشد الشعبي  بكل مكوناته من الشيعة والسنة والمسيحيون والتركمان والشبك والا يزيديين، وهم من  قاتلوا الدواعش بحق وحقيقة مع الجيش العراقي  سوية وبدون ان يتفضل او يمن احدهم على الاخر  وسيستفسرون عن سر هذه المصالحة المزعومة بسبب الخلافات  بين الشعب العراقي، والتي لم يعايشوها  في ارض المعارك، واكثر من ذلك هو خوفهم " اي خوف بعض قادة الشيعة " من عودة السيد المالكي الذي يقف الحشد الشعبي معه  كما يتصورون، وان صرح الرجل عدة مرات بعدم رغبته بالعودة الى السلطة، اي انهم يتخوفون حتى ممن قد يرشحه المالكي لقيادة البلد .

اذًا العودة الى مستقبل العراق يوم عودة الحشد الشعبي منتصرا ومحررا للعراق مع الجيش العراقي الذي هو الآخر قد نال من الاتهامات الباطلة ما نال، ومازال متهماً  ممن يتهمون حتى  الماء لصفائه ونقاوته، ومازالو يصرحون بان جيش العراق صناعة امريكي !.

 

عبد الصاحب الناصر

 

في المثقف اليوم