أقلام حرة
فقه الإستبداد.. الأصل والصورة..!
منذ أن شرع فقهاء السلطان؛ نظرية الولاء للأمير أو فَجَر، أقفل باب الاجتهاد السياسي في الأمة الإسلامية، وحل محله الإستبداد؛ وسرى ذلك قانونا شرعيا ملزما للأمة، إبتداءا من ملوك بني أمية، وبعدهم بني مروان، ثم بني العباس، وبعدهم الترك العثمانيين، والى حكام العهر منذ زوال حكم العثانيين الترك والى يومنا هذا.
في سجلات التأريخأن ذلك التحول؛ بدأ في مشهد البيعة ليزيد بن معاوية، حيث كان زعماء القبائل قعود، فقام قائل وأشار لمعاوية، وقال أمير المؤمنين هذا، فإن هلك فهذا وأشار ليزيد، ومن أبى فهذا وأشار لسيفه! فقال له معاوية اجلس فإنك سيد الخطباء!
حدد معاوية النهج المفروض، بالالتزام التام بالطاعة للحكام، وصار المسلمون في حقيقة أمرهم، يتبعون ديانة من وضع البشر، وأصبح الدين هو الطاعة للحاكم، الذي بدأ يقول إنه ظله تعالى في أرضه، فأدى هذا للركود والاستبداد، والى قتل حيوية الأمة، وهيأها للاستعداد للاحتلال الأجنبي.
منذ ذلك الوقت صار الحكم للمتغلب، ويخلفه إما أخوه أو ابنه..فإن تغلب عليه متغلب، وجبت طاعته على الأمة، مثلما تعين عليها أن تبايع بني العباس، بعد أن تغلبوا على آخر خلفاء بني أمية مروان الحمار.
لمروان هذا قصة تنفع من يتعظ ولا ينتعض..الإنتعاض هزة الجماع، بلغة العرب العاربة أجلكم تعالى عن ذكرها وذكرهم!
مروان آخر ملوك بني أمية، وأمه أَمَةٌ كوردية أسمها لبابة، وكانت لإبراهيم بن مالك الأشتر النخعي، أخذها محمد بن مروان يوم قتله، فاستولدها مروان هذا، ويقال: أنها كانت أولا لمصعب بن الزبير! يعني هو أبن رحم وطأه أربعة رجال!
بقي مروان حيا بعد أن بويع للمتغلب، أبي العباس السفاح تسعة أشهر، قال الزبير بن بكار: كان بنو أمية يرون أن الخلافة تذهب منهم، إذا وليها من أمه أمة، فلما وليها مروان، هذا أخذت منهم في سنة ثنتين وثلاثين ومائة.
قالوا: وقد كان مروان هذا كثير العجب، يعجبه اللهو والطرب، ولكنه كان يشتغل عن ذلك بالحرب.
وقال بعضهم: اجتاز مروان وهو هارب براهب، فاطلع عليه الراهب فسلم عليه، فقال له: يا راهب! هل عندك علم بالزمان؟
قال: نعم! عندي من تلونه ألوان.
قال مروان: هل تبلغ الدنيا من الإنسان؛ أن تجعله مملوكا بعد أن كان مالكا؟
قال: نعم!
قال مروان: فكيف؟
قال: بحبه لها وحرصه على نيل شهواتها، وتضييع الحزم وترك انتهاز الفرص، فإن كنت تحبها فإن عبدها من أحبها.
قال مروان: فما السبيل إلى العتق؟
قال: ببغضها والتجافي عنها.
قال مروان: هذا ما لا يكون.
قال الراهب: أما إنه سيكون؛ فبادر بالهرب منها قبل أن تسلبها.
قال: هل تعرفني؟
قال الراهب: نعم! أنت ملك العرب مروان، تقتل في بلاد السودان، وتدفن بلا أكفان، فلولا أن الموت في طلبك لدللتك على موضع هربك!
كلام قبل السلام: لنابليون بونابرت قول مهد للتفكير الديمقراطي، الذي جاءت به الثورة الفرنسية، فقد قال "فن الحكم يقتضي ألا تدع الرجال يهرمون في مواقعهم"!...رجال الحكم عندنا مضى عليهم أربعة عشر عاما، بعضهم أتاونا شبابا واليوم هم كهول..!
سلام..
قاسم العجرش