أقلام حرة

إنه يوم نصر كبير

khamil aladadنعتز ونفتخر ونرفع الأكف ونصدح بنشيد النصر لما سجله رجالنا من القوات المسلحة والقوات الإتحادية والقوات الأمنية ومكافحة الإرهاب الى جانبها دعم قوات الحشد الشعبي والبيشمركة من بطولات ورباط جأش وما قدموه من تضحيات غالية لدحر وسحق هذه العصابات الداعشية المتوحشة والمجرمة بكل المقاييس. كما توجب الموضوعية أن نحيي السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي لقيادته وشجاعته لتطهير موصلنا العزيزة من هؤلاء القتلة. كما أنه لا تزال هناك جيوب صغيرة في حلبجة وتلعفر وأماكن صغيرة أخرى سيسهل تطهيرها من هؤلاء البغاة المتوحشين.

نعم، ولكن لابد من وقفة حزينة وجادة للأثمان التي دُفعت، فاهلنا الابرياء في الموصل الغالية دفعوا أثمانا باهظة من حياتهم وتشريدهم وإستشهد منهم المئات وجرح الآلاف، شيوخا وشبابا وأطفالا، وتشريد وتجويع وإعدام من تجرأ منهم للبحث عن مخرج، ودمرت بيوتهم وعمّ الخراب وتحطّمت البنى التحتية وخُربّت كل أوجه الحياة ومسالكها في الموصل بصفة خاصة وفي المناطق والمدن الأخرى الى حد ما. فالأضرار والخراب والخسائر الأهم هي في فقدان الأبرياء وبالأخص منهم الأطفال والنساء التي سبيت ومن كل الأطياف. فالأثمان أضحت فادحة لإعادة البناء لكل الجسور والبنى التحتية ولإعادة إعمار المساكن والطرق والمدارس والمستشفيات. ولسنا هنا في مجال تقديم تقديرات وخطط لإعادة الإعمار ضمن مدى زمني مختزل!

هناك من يقدر الحاجة الى مئات المليارات من الدولارات، وهناك من يقدر أن إعادة الإعمار ستتطلب سنوات، ولكننا هنا، إذ نقدر جسامة التحديات لإعادة الحياة لأهلنا في الموصل وغيرها التي دنسها وحوش داعش، لكننا بالتأكيد نؤكد أن الحكومة والسلطات المعنية ستواجه مهمات صعبة ومكلفة؛ فهناك من يُقدر في وزارة التخطيط أن إعادة الإعمار بكافة جوانبها ستتطلب أكثر من 200 مليار دولار. ومع ذلك، نعتبر أن هذه المشكلات تتذلل بالإرادة والعمل المضني وإستدعاء الدعم الدولي والمنظمات والهيئات الدولية، ضمن حملة دبلوماسية كبيرة، ولكن السؤال الأهم والأخطر، هو ماهية الدرس والمخرج من هذه المحنة الماساوية لكل العراقيين في هذا العراق الواحد؟

الدرس ألأعظم هي الخروج بموعظة أساسية، وهي وحدة العراقيين في هذا العراق الواحد؛ فلا مكونات ولا مذاهب ولا أديان يتقسم بموجبها العراقيون، بل هم جميعا عراقيون بالمواطنة، ولكل شخص ما يؤمن به وما لايؤمن، وقد ينتسب الى هذه المنطقة أو تلك أو هذا الدين أو ذاك، او هذا المذهب أو ذاك، وهذه خصائص تخص من تخص ولا تنعته بنعت ينفي عراقيته أو مواطنته وحقوقه المتساوية كأسنان المشط مع غيره من العراقيين، اينما كانوا، ومهما كانت دياناتهم وعباداتهم أو عدمها، فالدين لله والوطن للجميع، وهذا ما يجب أن يكون البند الأول في الدستور العراقي. هكذا فقط يمكن نبني عراقنا عشرات المرات ونحصنه في هذا الوجود الإنساني الضاري. أعتقد موقنا بأن هذا هوالدرس الأبلغ والأساسي من محنة الهجمة الداعشية التي أرادت تهشيم العراق، فإذا بها توحده، هذه المرة بصلابة لا تلين. فإذا ما تغلغل هذا الدرس في القلوب، فسوف لن يُغلب العراق على أمره بعد ذلك، وستنفتح آفاق المستقبل بعقل عراقي مجرب ومنفتح وواع، كما سيكون معيار التقدم هو إختيار الأكفأ والأعلم ونبذ الإنتماءات الموظفة والوصولية والكتلوية والنخبوية والطائفية المدمرة؛ فالعراق يبنيه أبناؤه الأكفاء وليس المسوّقون والموظفون لأغراض المصالح الفئوية والطائفية والمرتبطة بجهات خارجية على وفق أجنداتها. تعالوا معا لنبني عراقنا الواحد كتفا لكتف.

 

د. كامل العضاض

مستشار إقليمي سابق في الأمم المتحدة

 

في المثقف اليوم