أقلام حرة

سلاماً أبا العراق في عيد مبعثك الجديد...

لم يحظ سياسي عراقي في العصر الحديث باهتمام مواطنيه حيّاً وميّتاً كما حظي عبد الكريم قاسم .

وطنية هذا الرجل ورحمته لأبناء شعبه جعلت منه محلاً للتقدير إن لم نقل التقديس، ولاسيما في عيون الفقراء والمحرومين، أولئك الذين نظروا إليه نظرتهم إلى الطبيب الذي أنقذهم من مرض عُضال واستعادوا بفضله عافيتهم تماماً بعد اليأس من عودتها تماماً...

عبد الكريم قاسم في نظر الكثيرين هو من جعل شيعة العراق يُدركون وربما لأول مرة في تأريخهم أن الانتماء للعراق يستحق التضحية والفداء أكثر من أي انتماء آخر لأية هوية أخرى سواء المستمدُّ منها بطريق الدين، أو العشيرة، أو الحزب أو غير ذلك مما يُسمّيه البعض هويات ثانوية أو فرعية... وقد ظل المواطن الشيعي وخاصةً الفقير مديناً لـ (الزعيم) بالمحبة والعرفان في حياته وبعد مقتله أيضاً، ولا عجب أن رآه بعين قلبه في صفحة القمر... ولا عجب أن ورّث هذا الفقير حبّ (الزعيم) أبناءه وأحفاده، حتى بعد أن خرج هؤلاء من رِقّ الإقطاع، ورِبقة الدخل المحدود ...

عبد الكريم قاسم يستحق بجدارة لا ينازعه عليه أحد أن يُطلق عليه (أب العراق الحديث)؛ لأنه هو وليس أحد قبله من أسبغ بطريقة حكمه الأبوية على الجغرافية  العراقية التي عاثت بها يد المستعمر تشويهاً وتلفيقاً قدراً كبيراً من المقبولية، وذلك حينما جعل من المواطنة ركيزته الأولى في الحكم للمواطنين أو عليهم... فهل من المغالاة في شيء أن يوصف رجل بهذه المواصفات بكونه الأب المؤسس للوطن الذي ينتمي إليه؟

لقد قيل في أدبيات السياسة إن البلاد إذا لم يتوحد أبناؤها نفسياً ستظل خريطته الجغرافية مجرد خطوط وهمية، وتظل مساحات وجود قاطنيه وتواجدهم رهناً بأمزجة الآخرين وحساباتهم، وهو الأمر الذي ما زلنا في العراق نقاسيه منذ اللحظة التي تجرّأ فيها نفرٌ من أخبث إخواننا على كسر أصابع والدنا الرحيم... 

 

لطيف القصاب

 

 

في المثقف اليوم