أقلام حرة

حزب الدعوة ثلاثة عشر عاما من الفساد والفشل !

هيمن حزب الدعوة ”الإسلامية“ على مقاليد الحكم في العراق لمدة ثلاثة عشر سنين عجاف منذ العام 2005 ، إذ تعاقب على سدة الحكم في بلاد الرافدين ومنذ ذلك الحين ثلاثة رؤساء وزارات هم كل من الأمين العام السابق للحزب ، إبراهيم الجعفري (2005-2006) والأمين العام الحالي للحزب، نوري المالكي (2006-20014) ورئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي ،رئيس المكتب السياسي في الحزب.

وتعتبر هذه السنين التي حكم فيها الحزب بنظر العديد من المراقبين وبنظر قطاعات واسعة من الشعب العراقي، انها الأسوأ في تاريخ العراق على الأقل منذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003 على يد قوات التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية، التي اسفر تدخلها العسكري عن اسقاط نظام البعث الدكتاتوري وإرساء دعائم نظام ديمقراطي في بغداد.

لكن عقلية حزب الدعوة القائمة على التفرد سواء أيام المعارضة او أيام الحكم، جرّت البلاد الى كوارث طوال هذه السنوات المنصرفة. فالحزب الذي هيمن على أهم منصب سيادي في البلاد استغل الصلاحيات المطلقة وغير المحدودة التي أعطاها الدستور لرئيس الوزراء، استغلها لتعزيز قبضته على كافة مفاصل السلطة والهيمنة على كافة موارد البلاد الإقتصادية.

واستغل الحزب حالة الفوضى التي تعصف في البلاد وكون التجربة الديمقراطية حديثة العهد، استغل كل ذلك لحكم البلاد بشكل مطلق بعيدا عن رقابة مجلس النواب الذي عجز عن استجواب رؤساء الوزرات ولو لمرة واحدة، ولم يتردد الحزب بالإستعانة بالدول الخارجية وبالمال السياسي لإحباط عملية استجواب المالكي عام 2012.

وهكذا قام حزب الدعوة بأكبر عملية فساد وتدمير للبلاد في العصر الحديث، فقد جرت أكبر عملية نهب في تاريخ المنطقة لأكثر من 1000 مليار دولار أمريكي تحول معظمها الى حسابات قادة الحزب النافذين وحلفائه الفاسدين من مختلف الطوائف، ممن كسب ولاءهم لضمان بقائه في السلطه، وسيطر الحزب على عقارات الدولة من قصور رئاسية ومجمعات سكنية وآراضي وآلاف المباني المنتشرة داخل العراق وخارجه في اكبر قرصنة بتاريخ العراق، حتى تربّع العراق وطوال السنوات الماضية على عرش الفساد العالمي.

وتوارث الحزب إدارات الدولة وسفاراتها في الخارج التي هيمن عليها عوائل قادته واتباعه ممن يفتقدون للكفاءة والأهلية اللازمة حتى أصبحت الدولة إقطاعيات للحزب بدءأ من رئاسة الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء وانتهاءا بالسفارات العراقية المنتشرة في أرجاء المعمورة والتي غصت بأبناء مسؤولي الحزب. حتى بات الآمر الناهي نجل المالكي وصهريه وأبناء عمومته وأبناء اخواله.

وكانت الطامة الكبرى أن الحزب وطوال السنوات التسعة الأولى من حكمه المشؤوم فشل وبالرغم من الموازنة الضخمة وخاصة الإنفجارية منها في العام 2014 والتي بلغت 147 مليار دولار ، فشل في إعداد فرقة عسكرية واحدة تصد هجوم حفنة من الدواعش احتلوا ثلث العراق في بضعة ايام. وكان الحزب حينها يسيطر على رئاسة الوزراء ووزارات الداخلية والدفاع، لكنه كان مشغولا في اعداد جيش فضائي يقوده حفنة من الضباط الفاسدين الموالين للحزب والذي أطلقوا سيقانهم للريح عند أول هجوم لإرهابيي داعش.

وفشل الحزب طوال تلك السنوات في حل أزمة خدمة واحدة كأزمة الكهرباء التي يمكن حلها ب 20 مليار دولار فقط، لكن الحزب أنفق أكثر من 50 مليار دولار دون ان يتمكن من حل الأزمة لأن تلك الأموال وجدت طريقها الى جيوب قادة الحزب. وقد انهار التعليم في العراق وتردى القطاع الصحي وتدهور الوضع الأمني نظرا لأن حزب الدعوة لم يكن لديها سوى برنامج واحد وهو إحكام قبضته على السلطه بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة.

ولذا فلم يتورع الحزب عن تسخير السلطة القضائية وإجبارها على تقديم تفسير شاذ للمادة الدستورية المتعلقة بالكتلة الفائزة التي تشكل الحكومة وذلك بعد خسارة الحزب للإنتخابات في العام 2010، التي دخلها الحزب منفردا تحت يافطة قائمة دولة القانون ليحدث اول شرخ في الإئتلاف العراقي الموحد. ولم يتوانى الحزب عن الإستعانة بالدول الخارجية لإبقاء زعيمه نوري المالكي على سدة الحكم بعد خسارته للإنتخابات في ذلك العام. كما وان الحزب لو يتورع حينها عن تكليف خزينة الدولة الملايين عندما طالب بإعادة عد وفرز أصوات الناخبين.

وأما على الصعيد الفكري والعقائدي فقد وجّه هذا الحزب لطمة للإسلام السياسي ولنهج الشهيد السعيد محمد باقر الصدر الذي يدعي الحزب اتباعه، إذ كانت سيرته في الحكم الأسوأ في تاريخ الأحزاب الإسلامية في المنطقة ولم يستطع مجاراة سيرة حزب يدعي الإستلهام من الإسلام مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا. فكانت سيرة الحزب وصمة عار في تاريخ الإسلام السياسي المعاصر وفي تاريخ العراق. وقد حاول جناح في الحزب خلال السنوات الأربع الماضية أن يصلح بعض ما أفسده الحزب، إلا ان تجربة السنوات الماضية أثبتت بأن حزب الدعوة سيستغل ما تحقق مؤخرا من تحرير للعراق بفضل تضحيات الحشد الشعبي الذي أسسه المرجع السيستاني، سيستغل ذلك للبقاء في السلطة والتعمية على فساده وفشله. وخير دليل على عدم تغير نهج الحزب هو تمسكه بأمينه العام نوري المالكي الذي بات فساده وفشله أشهر من نار على علم.

لكل ذلك فقد حان الوقت لتنحي هذا الحزب عن رئاسة الوزراء وبدء مرحلة جديدة يتولى فيها هذا المنصب الهام شخصية وطنية كفوءة ونزيهة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وليس مصلحة الحزب وأسياده في الخارج خاصة وأنه يتقلب بين الأحضان فتارة يرمي نفسه في حضن امريكا وأخرى في حضن ايران ومرة في حضن بريطانيا، ثلاثة عشر عاما من فساد وفشل حزب الدعوة …كفاية!

 

ساهر عريبي

في المثقف اليوم