أقلام حرة

الظالم والمظلوم ووطن مأزوم!!

صادق السامرائيدائرة مفرغة تدور بلا إنقطاع في الواقع العراقي على مدى عقود وعقود، وخصوصا بعد أن تم الإنقضاض على الملكية وإقامة الجمهورية، التي جاء أدعياؤها بمفهوم المظلومية، وتحوّلوا إلى ظلمة، ودارت الدائرة فصار المظلوم ظالما، وكلما تدور هذه الدائرة المفرغة يكون الظالم أكثر ظلما من سابقه، والمظلوم ينال الويلات التي يضاعفها على غيره عندما يصبح ظالما، وهلم جرا.

وقد بلغت المظالم ذروتها القصوى منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم، وهي في تزايد وتوحش وشراسة غير مسبوقة في تأريخ البلاد.

وقد رُفعت لافتة المظلومية في ألفين وثلاثة وما بعدها، وتحقق الإستثمار الظالم الشرس فيها لدرجة خطيرة وعنيفة، تسببت بإرتكاب أبشع الجرائم وأشنعها بحق المواطنين تحت مسميات وإدّعاءات وفتاوى وأضاليل وخيمة وجسيمة، تسببت بخسائر مروعة وفتاكة في الواقع الإجتماعي والديني والأخلاقي والقيمي، مما دفعت بالمنحرفين إلى تشكيل العصابات الناقمة على كل موجود، والتي تقتل ما تشاء بغير حساب ومساءلة.

وهذه الدائرة المقفلة المتفاقمة الهدّارة الوجيع والهلاك الوطني والإنساني، تزداد دورانا وثورانا ويتحقق الإستثمار فيها من قبل الطامعين بالبلاد والعباد، ومن خلال الملعوب بعقولهم والمضحوك عليهم ممن أوهموهم بأنهم قادة ومسؤولين وعارفين وذوي رأي وبصيرة، وما هم إلا حشد من البُقلاء الذين جلبوهم من متاهات الضياع والفشل والخسران المقيت.

ولا يزال ناعور المظلومية الفتاكة يدور في دنيا الأيام، ويسقيها حميما وخرابا ودمارا ويشيع فيها الفساد والقهر والإستعباد، والتنكيل والتضليل والتعزيز لأمّارات السوء والبغضاء والكراهيات النكراء.

والعجيب أن الظالم يرى أنه لا يزال مظلوما، ولا يشبع من الإنتقام والقهر والتدمير الماحق للإنسان، ومع تواصل ظلمه يمعن بتوحشه وبلادة ضميره، ويطوّر سلوكه الإجرامي الذي يبرره على أنه من المظلومين ومن حقه أن يستبد بظلمه ويطغى ويجور.

وما يزيد الطين بلة ويُعاظم الظلم أن الدين صار مطية للظالمين، الذين بموجبه ووفقا لفتاوى المتاجرين به يبررون ويحللون أعظم الخطايا والآثام بحق الآخرين.

فإلى متى يبقى الظالمون يدورون في مدارات الهلاك والإهلاك الأعمى القبيح؟!!

 

د. صادق السامرائي

27\1\2020

 

في المثقف اليوم