أقلام حرة

صادق السامرائي: "ما يأتيني لآ أريده وما أريده لا يأتيني"!!

هذه المقولة البعض ينسبها للأصمعي وآخرون لإبن المقفع، وتدل على النضوب وتجمد قدرات العقل، وعجزها عن إستحضار الأفكار وتأجيج لذة الإبداع، فيتوقف المبدع عن العطاء.

والحالة يمر بها المبدعون كافة، فلا بد من قترة إستجماع وإعادة تكرير وتخليق متوافقة مع ما بلغه المبدع من مستويات إدراكية، إتسعت فيها بصيرته وتنامت معارفه وخبراته ومهاراته التعبيرية.

وتجد العديد من المبدعين مروا بفترات توقفوا فيها عن العطاء، وقائمتهم طويلة، وهم من الكواكب الساطعة؟

والعبارة جواب على سؤال : لماذا توقفتَ عن الكتابة؟

فالإبداع يحتاج إلى محفزات، وعندما تتراكم الإحباطات وتتعاظم التحديات يجد المبدع نفسه في محنة التواصل، لأن خيبة الأمل تتملكه، فتخرسه وتدفعه إلى الصمت والغياب، ولتوهم المبدع بعطائه سيغير الأحوال ويبني ما يريده في دنيا التراب دور في ذلك، بينما الأحداث ترسم خارطة المسيرة المجتمعية للناس.

والتأريخ يقدم الأدلة الكثيرة على أن الأحداث بتفاعلاتها تصنع الحالات القائمة وتمازجها وتوالدها، فتيار الوجود يجري بعنفوان وفقا لإرادة الدوران، فيصنع ما يشاء من التبدلات اليومية اللازمة للديمومة والبقاء.

ومَن يتوهم أنه رقم صعب وقوة مؤثرة عليه أن يرعوي، ويستعيد رشده ويتبصر بموسوعية وموضوعية، فالمبدع الحقيقي الذي يأنس بما يُبدع، لا أن يقيس قيمة إبداعه بما يؤثر في الآخرين، فذلك أمر آخر مرهون بالنفس ونوازعها ومعطياتها الكامنة، فلا تكونن من المتوهمين بما لا يعين.

إصنع رائعتك الإبداعية، ودعها تتدحرج كموجة في التيار الجاري إلى الأبد، فقد تطفو وتبين، أو تغطس في قاع أمين.

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم