أقلام حرة

صادق السامرائي: تأريخ الدم!!

أوهمونا بأن تأريخنا دموي متوحش فتاك، وغرسوا هذا الإدعاء في الوعي الجمعي عبر الأجيال، بينما التأريخ الغربي يمثل أفظع مسيرة دموية عبر العصور، فالدول المؤلفة للإتحاد الأوربي، مسيرتها حروب قاسية على مدى الأيام حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما إستفاقت بعض النخب وقررت أن ترجم التأريخ وتبدأ صفحة حياة جديدة، فكان لها ما أرادت فتقدمت وتطورت في النصف الثاني من القرن العشرين، وأمسكت بزمام القوة والسيادة الأرضية.

وتأريخنا ناصع وفيه من القيم والمساهمات الحضارية ما يدعو للفخر والإعتزاز، وتجدنا نبخس إنجازاتنا العلمية والمعرفية، ونتوهم بأنه دم، ونترجم ذلك بسلوكياتنا المعاصرة المطلوبة لإبعادناعن حقيقتنا ولتدمير جوهرنا الإنساني.

فماذا درسنا في كتب التأريخ المدرسية؟

هل وجدتم فصلا يتحدث عن العلماء ورموز الحضارة؟

ما تعلمناه هو تأريخ الكراسي والسلاطين والحروب والبطولات، التي تعني سفك الدماء وقطع الرؤوس وحرق المدن، وغيرها من السلوكيات الفائقة التخريب.

ألا تساءلنا لماذا يوضع بيننا وبين تأريخنا الحقيقي الزاهي المنير؟

لماذا يكررون البطولات الوهمية، وتحويل البشر الفاعل إلى موجودات خيالية لا تمت بصلة إلى الحياة الدنيا، وكأنهم كينونات ضوئية تمرق بيننا ونبقى نتصورها كما يحلو لنا.

معظم ما كتب عن الخلفاء والسلاطين أكاذيب لترويج السمع والطاعة، وإضفاء الهيبة على الكراسي المستحوذة على السلطة، ولا تزال الحالة كما عهدتها الأجيال تتكرر بآليات أخرى.

ففي تلك الأزمان كان الصوت الإعلامي للدول، المؤرخون والشعراء وخطباء الجُمع، فهل يستطيع الواحد منهم قول كلمة حق؟

علينا أن نتحرر من قبضة الأوهام المحشوة في رؤوسنا، فتأريخنا أبيض، وتأريخهم أحمر وأسود، وقد دفنوه ودنسوا تأريخنا بمفرداتهم الدامية.

أحرقوا تأريخهم وأولعونا بتأريخنا وبديننا!!

فهل صدق المقال؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم