أقلام حرة

فوزية بن حورية: الافراط في الاحترام والتقدير

الافراط في الاحترام والتقدير للطرف المقابل من اكبر الاخطاء التي يقع فيها الناس الطيبون حيث ان المبالغة فيه تجعل الطرف المقابل يسيء فهمك فيظنك تتزلف اليه وبالتلي يضعك في خانة المرائين والمنافقين في غير محلك الصحيح فيستضعفك ويستصغرك، وربما يحتقرك وربما ايضا يظنك ابلها اخرقا.. فيتجاهلك ويجرحك حتى الاعماق.. جرحا يدمي القلب ويفتت الكبد.. فيؤلمك شديد الالم.. ربما عن حسن نية وربما عن قصد وربما دون ذلك،.. لذا اوصي الناس بالوسطية في كل شيء حتى في المعاملات بين بعضهم البعض.. وفي العلاقات العامة والخاصة وجعل مسافة امان بينه وبين الاخرين.. لذا اقول وجب العمل بحكمة العرب التي تقول "حبُّ التناهي شطط وخير الأمور الوسط " انها لحكمة بليغة.. وهي في الحقيقة توصية حسنة وجهوها للناس عن تجارب مروا بها.. واذا رجعنا الى القرآن الكريم وتمعنى فيه جيدا لوجدنا الله سبحانه وتعالى امرنا بالوسطية وذلك  في بعض السور القرآنية الكريمة حتى نعمل بها قال الله تعالى في سورة الإسراء الآية [29]: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىَ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مّحْسُوراً}أي فتوسط بين الأمرين في الإنفاق.

وفي وصف بقرة موسى قال الله تعالى في سورة البقرة الآية [68]:{قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبّكَ يُبَيّنَ لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ لاّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ}أي وسط بين الكبر والصغر في السن.

وفي قوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء الآية 110 : {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} وهذا السبيل هو الوسط في القراءة والدعاء.

وقال الله سبحانه وتعالى في مدح عباده في سورة الفرقان، الآية [67]: {وَالّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}أي وسطا في المعيشة.

  وقال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية143:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}هذه شرعة شرعها الله تعالى ونهج الاجدر بنا العمل بها وأنا ارى الافراط في كل شيء والتبذير في رمضان وفي غيره وخاصة في مناسبات الاعراس والختان وافراح النجاح والامسيات بين العائلات لا حد لها تقريبا من الاسراف فيه التباهي والمفاخرة والمنافسة احيانا تخالها شرسة كحرب باردة بين العائلات والاصدقاء و الصديقات رغم الفحش في غلاء الاسعار الا انهم يتهافتون عليها بغاية المفاخرة  واشتراء السمعة كما يقول البعض "الي سماك علاك"...

***

الكاتبة: فوزية بن حورية الجمهورية التونسية

في المثقف اليوم