أقلام حرة

من طاعون عمواس إلي فيروس كورونا (3)

محمود محمد عليتحدثنا في المقالين السابقين عن طاعون عموس وأبعاده بعد سياحة عبر صفحات المُؤرخين والكُتاب والمُترجمين، وأما في هذا المقال فننتقل للحديث عن امتدادات هذا الطاعون اللعين في وقتنا الحاضر؛ وخاصة فيما يعرف بـ “فيروس كورونا الجديد”، فما نعرفه عنه حتي الآن لم يكن كافيا حتى الساعة للتحكم في انتشاره وتفشيه في أوساط مختلفة ودول عديدة على مستوى العالم، فكلما قلب المرء وسائل الإعلام شواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروئة أو نظر فيما يكتبه الناس في وسائل التواصل الاجتماعي أو فيما يكتب من مقالات في الصحف سواء الورقية أو الالكترونية، وجد أنهم يهتمون كثيرا بهذا المرض الذي ظهر أخيرا وانتشر في بعض المناطق ألا وهو انتشار فيروس كورونا، هذا المرض الذي يعود تاريخه إلي قبل سنتين ولم يكن منتشرا كثيرا حتي ظهر انتشاره أخيرا خلال الأشهر الماضيات.

والحقيقة الصادمة تؤكد أن كل الفيروسات التي اجتاحت العالم مؤخرا (مصنعة) من إنتاج الأبحاث الشيطانية للدول الكبرى، الإيدز، إنفلونزا الطيور، إنفلونزا الخنازير (اتش ون أن ون)، ضمن 15 فيروسا انتشرت مؤخرا، جميعها كانت نتيجة الاستخدام المتعمد للجراثيم والفيروسات، واستخلاص سموم الكائنات الحية لنشر الأوبئة بين البشر والحيوانات، وينطبق الحال على فيروس كورونا المستجد وذلك حسب قول فوزي رمضان في مقاله : كورونا .. حيث تصنع الأمراض.

ويُعتقد أن فيروس كورونا الجديد ظهر في أول الأمر في أواخر ديسمبر 2019 في مدينة “ووهان” الصينية، في سوق لبيع الحيوانات البرية، وانتشر بسرعة مستفيدا من تنقل المواطنين لتمضية عطلة رأس السنة القمرية في يناير. وقد طال هذا الوباء آلاف الأشخاص وحصد مئات الأرواح خاصة في الصين، التي تعتبر بؤرة الوباء.

لقد تسبب فيروس كورونا، فى انتشار الرعب عالميا، بعد الانتشار الكبير للفيروس وتحوله لوباء فى وقت قليل، وسبب عددا كبيرا من الوفيات، وتزايدا متسارعا فى عدد الإصابات بعدة دول حول العالم، إذ تتزايد استعدادات الدول المختلفة لمقاومة الانتشار الكبير للوباء، وحماية المواطنين. وفى اكتشاف جديد، أكد باحثون أن الإسهال قد يكون طريقة لانتقال العدوى بفيروس كورونا، بجانب انتقاله عبر الهواء، من السعال والرذاذ، خاصة بعد التأكيد على أن المصابون بالفيروس يعانون من اضطرابات شديدة بالجهاز الهضمى وذلك حسب قول ريهام عبد الله في مقالها بعنوان الفيروس القاتل.. علماء يكتشفون أسبابا جديدة لانتشار عدوى "كورونا".

وفيروس كورونا هو مرض انتشر من الصين مؤخرا ولا زال يهدد حياة الناس لخطورته يرجح العلماء ان احد اسباب انتشار المرض في الصين سببه لطبيعة اكلهم لحيوانات غير مهيئة للأكل كالفئران والخفافيش والضفادع وغيرها، عد الفيروس المسؤول عن الانتشار الوبائي الحالي في الصين فيروسا معروفا للأطباء الذين يخشونه جدا، فأسرة الفيروسات التي ينتمي إليها هذا الفيروس تدعى أسرة فيروسات كورونا، التي تسببت سلالات أخرى منها في انتشار وبائي (سارس)، الذي فتك بـ 9 في المئة من الذين أصيبوا به، و(ميرس) الذي فتك بـ 35 في المئة. وذلك حسب قول ريهام عبد الله في مقالها بعنوان الفيروس القاتل.. علماء يكتشفون أسبابا جديدة لانتشار عدوى "كورونا".

ومن جهة لأخري احتلت أخبار فيروس «كورونا» المرتبة الثانية فى الاهتمام الإعلامى العالمى بالأحداث الساخنة فى العالم، خاصة أنه مرض من أمراض برد الشتاء وفصيل جديد من فيروس الإنفلونزا، وله ذات الأعراض المعروفة للإنفلونزا.. فشلت الصين -موقع ميلاد وتفشى المرض- فى إيجاد علاج سريع فوجدنا زيادة أعداد الوفيات بما تجاوز المائة والإصابات بما تجاوز الستة آلاف فى أقل من عشرة أيام فقط، والحصيلة فى تزايد مع هلع صينى ألغيت معه أعياد بداية العام الصينى والمواصلات والسفر وتراجعت حركة السياحة والإنتاج والتسوق وإلغاء الطيران من وإلى الصين.. وأصبحنا نتلقى كل يوم أنباء عن ظهور حالات مرضية جديدة فى برلين والإمارات و15 دولة فى العالم، وتستعد منظمة الصحة العالمية لإعلان المرض كحالة وباء عالمى، وسط جهود محمومة لمحاصرة الفيروس اللعين. وما زلنا أمام حقائق تشير إلى أن المصابين حتى الآن من الصينيين، وأن الوفيات غالبيتها من كبار السن، وأن العزل الصحى الطبى هو وسيلة العلاج الأساسية، وتبقى إرادة الله وقوة مقاومة جسد المصاب هى التى تحسم الصراع بين الموت والحياة.. والمتشائمون يرون أن الفيروس المجهول سوف يشكل خطراً على كل البشر عدا أفريقيا بسبب قسوة الشتاء هذا العام.. ونكتشف أن الإنسان ضعيف مهما ادعى قدرته على الفعل والعلم والسيطرة والقوة والتحكم فى أقدار ومصالح وأرزاق الآخرين، حيث يأتى فيروس لا يُرى بالعين ويحمله الهواء ليهاجم الجسد بضراوة ويقضى على الإنسان أو يضعفه ويعطل كل مخططاته.. عشرة أيام فقط تعطلت فيها الصين جعلت خبراء المال والاقتصاد يتوقعون تراجع معدلات الإنتاج والنمو السنوى الصينى بما يقرب 20% عن المفترض تحقيقه!! وذلك حسب قول د. محمد بسيونى في مقال له يعنوان «كورونا» يزعج العالم ويعطل اقتصاد الصين.

والسؤال الآن وهو سؤال مهم : هل يمكن أن يُصاب البشر بالعدوى بفيروس كورونا مستجد من مصدر حيوانى؟

لقد خلصت التحريات المفصّلة إلى أن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوى الحاد الوخيم (السارس) قد انتقلت من قطط الزباد إلى البشر فى الصين عام 2002، فيما انتقل فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (Mers) من الإبل إلى البشر فى المملكة العربية السعودية فى عام 2012. وهناك العديد من سلالات فيروس كورونا الأخرى المعروفة التى تسرى بين الحيوانات دون أن تنتقل العدوى منها إلى البشر حتى الآن. ومن المرجح أن يتم الكشف عن سلالات جديدة من الفيروس مع تحسّن وسائل الرصد حول العالم. ومنشأ الفيروس لم يُفهم بعد فهما تاما، ولكن حسب تحليل مختلف جينومات الفيروس يُعتقد أن منشأه فى الخفافيش وأنه انتقل إلى الجِمال فى وقت ما من الماضى البعيد. وذلك حسب قول عماد الدين حسين في مقال له بعنوان ما هو فيروس كورونا؟

أما عن أعراض الإصابة بفيروس كورونا فتتوقف الأعراض على نوع الفيروس، لكن أكثرها شيوعا ما يلى: الأعراض التنفسية، والحمّى، والسعال، وضيق النفس وصعوبة التنفس. وفى الحالات الأشد وطأة، قد تسبب العدوى الالتهاب الرئوى والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة والفشل الكلوى وحتى الوفاة، وهذا الفيروس يمكن أن تنتقل فيروسات كورونا من شخص إلى آخر من خلال بعض سلالات الفيروس من شخص إلى آخر، بالاتصال عن قُرب مع الشخص المصاب عادةً، كما يحدث فى سياق الأسرة أو العمل أو فى مراكز الرعاية الصحية مثلا. وذلك حسب قول عماد الدين حسين في مقال له بعنوان ما هو فيروس كورونا؟.

ومن جهة أخري نود أن نسأل سؤالا آخر مهم وضروري ألا وهو : من أين يأتي هذا الفيروس ؟

الحقيقة يُعتقد، على نطاق واسع، أن سلالات الفيروسات التي سببت انتشار وبائي (سارس) و(ميرس)، والوباء الحالي لم تنشأ عند البشر بل عند الحيوانات، ولحسن الحظ، يندر أن تنتقل الفيروسات الخطرة التي تنقلها بعض الحيوانات إلى البشر، ويقول الأستاذ أندرو إيستون، الذي يعمل في كلية علوم الحياة التابعة لجامعة ووريك الإنجليزية: "في أغلب الحالات هناك حاجز بين الفصائل المختلفة لا تتمكن الفيروسات من اجتيازه، ولكن في بعض الحالات، مثلما يحدث حين يكون الإنسان يعاني من ضعف في المناعة أو إن حصل أمر يسمح للفيروس بالدخول، قد تحصل حالات إصابة نادرة ومتفرقة" وتبدأ الخطورة عادة بطفرة وراثية غير طبيعية، ويقول الأستاذ إيستون: "يجب أن تتغير طبيعة الفيروس بطريقة ما في العادة لكي يحصل على فرصة النمو والانتشار بشكل جيد في مضيفه الجديد". وذلك حسب قول ريهام عبد الله في مقالها بعنوان الفيروس القاتل.. علماء يكتشفون أسبابا جديدة لانتشار عدوى "كورونا".

وفي هذه الحالات النادرة، التي ينتقل فيها فيروس من أسرة كورونا من الحيوان إلى الأنسان، قد تكون العواقب وخيمة جدا، ولكن من المفيد التذكر أنه ليس كل فيروسات كورونا تتميز بالخطورة، فقط تلك التي تنجح في الانتقال بين الفصائل، يقول الأستاذ إيستون: "عندما يعبر الفيروس بين فصيلين، لا يمكن التنبؤ مقدما بطبيعة المرض الذي سيتسبب فيه، ولكن من غير النادر أن يتسبب في أعراض خطيرة منذ البداية إذا تمكن من إيجاد موطئ قدم له في فصيلة جديدة" فعندما يعبر فيروس من أسرة كورونا، فجأة، من الحيوان إلى الإنسان، يواجه جهاز مناعة لم يعتد التعامل معه، مسبقا؛ مما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض بسهولة، ويحدث أمر مشابه عندما تنجح سلالات من فيروس الإنفلونزا في الانتقال من فصيلة لأخرى. وذلك حسب قول ريهام عبد الله في مقالها بعنوان الفيروس القاتل.. علماء يكتشفون أسبابا جديدة لانتشار عدوى "كورونا".

كذلك هناك تفسيرات متعددة لظهور كورونا وانتقاله إلى البشر، منها نظام الغذاء فى الصين وتحدث البعض عن أن يرجع لتناول بعض الصينيين للخفافيش والثعابين، وأن الفيروس ينتقل إلى البشر من هذه الكائنات. وتزامن هذا مع فيديوهات فى أسواق تعرض لحوم الفئران والكلاب وغيرها من أنواع الحشرات، فى إيحاء أن كورونا يخرج من هذه الأطعمة. والصينيون فى الواقع يتناولون هذه الأطعمة منذ آلاف السنين، وبعض الأطباء والخبراء يرون أن كورونا وقبله أنفلونزا الطيور والخنازير، هي من الأمراض الفيروسية المعروفة والتى تتحور وتنتج منها أجيال جديدة تقاوم أكثر، وأن الأنفلونزا الآسيوية معروفة بشدتها من عقود وليس أمرا جديدا. وذلك حسب كلام اكرم القصاص في مقال له بعنوان كورونا.. هل تكون فصلا جديدا من صناعة الفزع وتجارة الرعب؟

الحقيقة توجد هناك تفسيرات تتردد كل حين، علي أن ظهور هذه الفيروسات، هو تسرب من أبحاث فى معامل أبحاث أو تجارب لحروب بيولوجية، مع إشارات إلى أفلام وأعمال أدبية تناولت أحداثا مشابهة، وقد وصلت هذه الهواجس إلى تفسير ظهور فيروس الإيدز بأنه سلالة محورة بفعل بشرى فى معامل فيروسات، لكن هذه التفسيرات تظل غير موثقة، وبعضها يخلط بين السينما والواقع وذلك حسب كلام اكرم القصاص في مقال له بعنوان كورونا.. هل تكون فصلا جديدا من صناعة الفزع وتجارة الرعب؟.

والسؤال هو إلى أين يمتد هذا الكابوس؟، وإلى متى ننتظر أن تنتهى أحداثه السوداء وأخباره المؤلمة من وفيات عديدة كل ثانية وأخرى؟، وكيف نحمى أنفسنا وبيوتنا وأطفالنا؟.

وهنا يقرر أنصار الصحة العالمة علي أن النظافة الدائمة واستخدام المواد المطهرة، أمر حيوى أيضا عدم الوجود فى أماكن مزدحمة، أو تناول مأكولات الشارع، نصائح بسيطة لأمور لا تزال هادئة، أما لا قدر الله عند حدوث حالة واحدة يمكن أن تنقلب معها كل الموازين، لذلك فإن إجراءات الحجر الصحى أمر خطير ومهم.

وفي محاولة منهم للعمل على تفادي المرض من التفشي بشكل كبير، حاول العلماء استخدام أدوية أمراض أخرى مثل استخدامهم لدواء لعلاج الإيدز، لكنّه لم يفلح أيضًا ولا يزال هناك حالة من الارتباك الواضحة فحوالي شهر لم يستعطه علماء العالم بأكمله التوصل لعلاج لما يسمى بفيروس كورونا، حتى ظهرت بعض الأنباء اليوم الإثنين، لتفيد بأنّه تم التوصل لعلاج أطلق عليه اسم Favipiravir أو Avigan، هذا الدواء الذي حسبما كشفه العلماء صنع لمواجهة فيروس كورونا القاتل... وللحديث بقية في المقالات المقبلة إن شاء الله.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل.

 

 

في المثقف اليوم