أقلام حرة

هل تستطيع المرجعية الدينية تأهيل منظومة سياسية

ضياء محسن الاسديالكل يعرف وعلى امتداد العصور المنصرمة التي مضت من تأريخ الشعوب العربية والعالمية أن الذي كان يتحكم بمصير مجتمعاتها هي السلطة الدينية والقبلية وفي زمن من الأزمان تخلت هذه المجتمعات العالمية فقط عن السلطة الدينية وتحررت من سطوتها شيئا فشيء وفكت ارتباطها السياسي عنها بعد صراع طويل الأمد مع هذه المنظومة المتجذرة في المجتمعات العالمية وبقيت هاتان السلطتان تهيمن على مقدرات الأمة الإسلامية والعربية وخصوصا في الجزيرة العربية وما جاورها وبقيت مصدر التشريع والسلطة والقيادة للفرد العربي وهي ما تزال تتحكم ولحد الآن في رسم سياسة الدولة ومعالمها وقادتها إلى الفتوحات الإسلامية والتمدد لهذه الأمة نحو الشرق والغرب تحت بند الجهاد ونشر الدين الإسلامي وتخرجت من جلباب هذه المؤسسة الدينية الكثير من الرجال الذين وضعوا بصمتهم الواضحة على خارطة التأريخ الإسلامي وهناك الكثير من القادة الذين كان لهم الدور الفاعل في قيادة الثورات التحررية ومناجزة الطغيان والتعسف للسلطة الظالمة ومحاولة إقصائها وتغيرها بمباركة المرجعية الدينية وخصوصا في العراق والتأريخ يشهد على الكثير منها ولحد الآن الصراع مستمر فالشعوب العربية وبحكم خصوصيتها وتركيبتها خاضعة للسلطة العشائرية والقبلية والمؤسسة الدينية كمرجع رئيسي لأخذ منها المشورة والتوجيهات السياسية والتشريعية والاجتماعية وكانت بصمتها واضحة المعالم للفرد العراقي بالذات . فهل تستطيع هذه المرجعية العريقة والمحترمة التي كانت وما زالت الصمام الأمان للمجتمع العراقي ودورها الفاعل في التوجيه والإرشاد للمجتمع أخلاقيا ودينيا وتشريعيا فأن دورها أصبح واقعا ملموسا وملحا يرتجى منه الكثير من المواقف السديدة بعدما أنفلت عقد الترابط الاجتماعي والسياسي وفت في عضد العراقي وأصبح يتحكم به ثلة من السياسيين وسحب البساط من هؤلاء الذين يدعون معرفة أصول وخبايا السياسة بذريعة أن السياسة هي (فن الممكن) على حساب المبادئ والقيم والأخلاق واحترام مشاعر المواطن العراقي وخدمة مصالحه وجلبت له الويلات والكوارث والفقر والجهل من جراء العمل بمزاجهم النفسي والعقلي القاصر الفارغ لبعض السياسيين الطارئين على السياسة ومفهومها الحقيقي البناء والعمل بمصالحهم الشخصية والحزبية والطائفية وكرسي الحكم وجبروت السلطة ومفاتنها وزينة الحياة وزخرفها واكتساب المغانم بعيدا عن تطلعات الشعب وهمومه . لهذا وجد العراقي ضالته المنشودة ومهربه الوحيد وملجئه والمنقذ حيث وضع ثقته الكاملة ب(المرجعية الدينية) ذات المنهاج الثابت والرؤيا الواضحة في تصويب الأمور منها الاجتماعية والسياسية بحلول مفيدة للمجتمع العراقي منها احتضان المرجعيتين السنية والشيعية في استقطاب ورعاية الطلاب المتفوقين في الدراسة الأكاديمية وما يمتلكون من الحس الوطني والأخلاقي والضمير الناصع حيث يؤهلهم للانخراط في هذه المؤسسة أو المرجعيات وتدعمهم ماديا ومعنويا وتنير عقولهم وتعدهم أعدادا صحيحا وبأشرافها وحمايتها لخوض معترك الحياة السياسية والاجتماعية والحكومية وهم مسلحون بالعقيدة الدينية والضمير والعلم ومعرفة فنون أدارة الدولة وسياستها التي تخدم المجتمع للتخلص من السياسيين الذين تخرجوا من دهاليز الغرف المظلمة المشبوه والمطابخ والمؤسسات الحزبية المرتبطة بأجندات خارجية معدة برامجها مسبقا من خارج البلاد

 

ضياء محسن الاسدي 

 

 

في المثقف اليوم