أقلام حرة

وباء النفط وكورونا!!

صادق السامرائييمكن القول بأن الأرض تحافظ على بقائها وعدم إحتراقها بتحويل حرارة الشمس إلى طاقة تختزنها في بطنها تسمى النفط، أي أن الشمس تتفاعل مع مكونات التراب البيولوجية وتحيلها إلى نفط، كما تفعل النباتات بتفاعلها مع الضوء فتصنع الغذاء.

والظاهر أن البشر يجهل أو يتجاهل هذه الحقيقة البقائية الكونية التي تتفاعل معها الأرض، فاستخرج نفطها وبدأ بإستعماله لتلويث البيئة، وإصابتها بإنشراخات خطيرة وإضطرابات وخيمة، تهدد سلامة الحياة وتؤثر في قدرات الدوران، والتحكم بمصير الأبدية المرتهنة بالتوافق المنضبط مع الحركة الدورانية المتوازنة  الفاعلة في الكون.

وقد تحول النفط إلى وباء شديد الفاعلية والتأثير في الحياة البشرية على مدى القرن العشرين، ولا يزال فتاكا ومدمرا للحياة خصوصا في بعض الدول المنتجه له، والعراق وليبيا أمثلة واضحة على ما اصابهما بسبب وباء النفط، وقد حصلت أحداث مروعة في العالم بسببه قتلت مئات الآلاف وخربت الديار، وهجرت الناس وأفقرتهم وشردتهم وأنزلت فيهم النواكب المتعاقبات.

ومن المعروف أن العديد من القوى إستثمرت بوباء النفط وسخرته لإمتلاك القوة وبسط الهيمنة على باقي البلدان.

وتجد الدنيا اليوم تحت مطرقة وبائين أحدهما فايروسي والآخر نفطي، ويبدو أن تفاعلهما سيتسبب بخسائر عظيمة على مختلف الأصعدة، وستكون البشرية أمام تحدي بقائي ربما سيكلفها ملايين الأرواح والممتلكات، لأن الأرض تدور وعليها أن تبقى تدور، وما يجري فوق ترابها يتعارض مع بديهيات ومسلمات الدوران، وهذا ما لا تسمح به وستواجهه بطاقاتها الحيوية الناجمة عن الدوران المطلق في كون يدور.

والخطير في الأمر أن الدنيا ما تكلمت عن وباء النفط ولا تصدت له بقوة وإصرار، وإنما إستثمرته وأمعنت بتوظيفه لتحقيق مصالح دولية أنانية ضيقة، وأغفلت ما سينجم عنها من تداعيات مترابطة ومتفاقمة، فأمضت العقود تلو العقود مخمورة بالنفط، حتى داهمها الكورونا ليزعزع أركان وعيها ويضعها أمام حقيقتها العارية ومصيرها المحتوم.

ويبدو أن الإستثمار بوباء كورونا يتوافق مع الإستثمار بوباء النفط، لتوظيفه للوصول إلى أهداف خفية ومرعبة، خلاصتها التحكم بالعالم الذي تتنافس عليه قوى معروفة، وبعضها تمكنت من القبض على مصيره، وتحجيم إنتشاره.

وربما الذي سيفوز بالمنازلة مع الكورونا سيكون المسيطرعلى مصير العالم، وبموجب ذلك سيتحول  النفط إلى وباء ثانوي.

و"ستبدي لك الأيام ما كنتَ جاهلا.. ويأتيك بالأخبار مَن لم تزوّدِ"!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم