أقلام حرة

الوباء والبلاء!!

صادق السامرائيالأرض تدور وما تأتي به يختلف عمّا كان، والدوران تعبير عن التجدد والتغيير، والأوبئة من الظواهر المرافقة للحياة منذ الأزل، وهي تصيب جميع المخلوقات وفي بيئاتها المتنوعة، المائية والهوائية والترابية وغيرها.

والأوبئة تدور مع دوران الأرض، أي أنها لا تقيم، ولكل وباء فترة زمنية ما يستنفذ فيها قدراته العدوانية ويؤدي رسالته الدورانية ويخمد أو يغيب، ليأتي بعد عدد من الدورات وباء غيره لتأدية رسالته المطلوبة وهكذا دواليك.

مما يعني أن الوباء العاصف في الأرض سيخمد عاجلا أم آجلا، إحترزنا أم لم نحترز، إكتشفنا لقاحا أو علاجا أم لم نجح في ذلك، وما تهدف إليه البشرية بإجراءاتها الوقائية هو تقليل الضحايا، فبدلا من أن تكون بعشرات الآلاف يمكن تقليلها لبضعة آلاف، وبدلا من أن تحصد بالملاين يكون الهدف أن تكون بالآلاف، حتى تنتهي الهجمة الوبائية.

وهذا الوباء في عصرنا العلمي الخلاق يستدعي إعادة النظر بتفكيرنا ووعينا وإدراكنا للظواهر، ويتطلب دراسات وافية تستحضر مآلاتها وما يتولد عنها، وما سيأتي بعدها، لكي نكون مؤهلين للمواجهة والإنتصار المسبق السريع والحتمي على القادم منها.

فما عاد يليق بالبشرية أن تنتظر الأوبئة لتباغتها، وهي منهمكة في موضوعات أخرى بعيدة عن مكامن الأخطار ومنابع الويلات العسيرة الفادحة النتائج.

بل أصبح من العار عليها أن تفرّط بما أنجزته من معالم حضارية ومخترعات متميزة، وما لديها من قدرات علمية ومعرفية هائلة، أن تسمح للفايروسات والمايكروبات للنيل منها وتعطيل نشاطاتها وتعريضها لخسائر كبرى.

ومع أن البشرية ستنتصر على الكورونا بإرادتها الفعالة أو بسبب فقدان الفايروس قدرته للعدوى والتأثير، فأنها قد خسرت الكثير وتعطلت مرافق حياتها وتجمدت نشاطاتها الحيوية، وأجبرها الفايروس على إغلاق المدارس والجامعات والفنادق والمطاعم وأماكن التجمعات والتبضع والنقل، وغيرها الكثير من الأعمال التي أوجعت إقتصاد الدنيا.

وعليه فأن هذا الدرس من أعظم الدروس التي على البشرية أن تستوعبه وهي في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، وأن تستخلص منه القوانين السلوكية اللازمة لتأمين رقائها وتعزيز إنطلاقها إلى آفاق الدنيا الجديدة.

فهل سنتعلم؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم