أقلام حرة

الكورونا ويقظة الأنا!!

صادق السامرائيهل أيقظتنا الكورونا؟

وهل زعزعت أركان أنانا؟

ربما نقول بأن الجواب سيكون بنعم، غير أن طبيعة السلوك البشري تؤكد أنه لا يتعظ ولا يتعلم، ويسعى لمكابدة ذات التجربة والخروج منها بدرس يأخذه معه إلى حيث ينتهي.

فالأجيال لا تتعلم من بعضها، بل أن لكل جيل تجربته وما يتعلمه من مسيرته في مداره الزماني والمكاني الذي يعيش فيه.

وهذه معضلة الحياة ومن أهم المصدات التي تؤهل الأجيال للتفاعلات السلبية ونشوب الحروب والصراعات القاسية، لأن الأجيال تتعلم من تجاربها فقط ولا تستعين بتجارب أجيالٍ سبقتها.

والذين يدّعون أن التأريخ يعلمنا يكذبون ولا يمكنهم تأكيد ذلك، بل العكس أن التأريخ يدمرنا، والدليل أن المجتمعات المندحرة في تأريخها تعاني وتتقهقر والتي تجاوزته تتقدم وتتطور.

أي أن الأجيال الحرة تكون والمقيدة بتأريخها تهون، وهذا قانون الدنيا المحكوم بإرادة الدوران وبمقتضيات نواميس الأكوان.

فحرية التعبير عن القدرات الفكرية والإدراكية حق أساسي من حقوق الأجيال، التي تمضي في تيار نهر الحياة الجاري، فكل جيل موجة تعلو وتعطي وتغيب، وقد تصنع تيارا وتبني مسارا تتواصل فيه الكينونات.

وعندما تواجه البشرية تحديا مصيريا، فأنها تقف أمامه واجمة لا مبالية ومتأكدة بأنها ستجتازه مهما كانت الخسائر فادحة، فالبقاء سلطان  ما دام الدوران أبدي، والحياة لن تنتهي وإن تبدلت رموزها وما يعبر عنها من الكيانات.

وفي زمن الوباء الكوروني، تجد الأنا البشرية على حالها وإن تقنّعت بما يساعدها على عبور الأزمة، لكنها لن تتواصل بذات ما هي عليه في آن الأزمة، وإنما ستعود إلى طبيعتها السلوكية وكأنها لم تمر بأزمة كورونا، ولم تعشها بمخاوفها وما إستحضرته من رعب وهلع وتحديات مصيرية.

وتلك هي طبيعة الحياة وخصال الدنيا ومرامي المخلوقات فيها.

فبعد كورونا سيعود كل مخلوق إلى حيثما كان، ولن تتبدل آليات سلوكه مهما توهمنا وتوقعنا وحسبنا ذلك واجب مفروض وأمر يكون.

فالأنا كما هي ولن تتغير ما دامت الأرض تدور!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم