أقلام حرة

أعمالٌ جديرةٌ باللعنات

مجدي ابراهيمأنا شخصيّاً قناعتي أن فيروس كورونا صناعة بشرية لا عقاب إلهي، فالله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا. أمّا نحن فأشدُّ قسوة على أنفسنا ممّن خلقنا وهو أعرف بمواطن القوة فينا ومواطن الضعف، (خلوا بيني وبين عبادي.. لو خلقتموهم لرحمتموهم) .. فالله جلا وعلا الرحمن الرحيم اللطيف، لا يأخذ الناس بمثل هذه القسوة .. صحيح أنّ بطشه لشديد ولكن رحمته وسعت كل شئ.

في ١١ مارس الحالي، أعلنت منظمة الصّحة العالمية، رسميّاً، تحول فيروس كورونا المستجد إلى وباء عالمي، وجرى تسجيل أكثر من ٢٠٠ ألف حالة إصابة به في حوالي ١٦٠ دولة، حيث تجاوز عدد الوفيات بسبب الإصابة بهذا الفيروس ٨ آلاف شخص.

قناعتي الشخصية يا مؤمن: أن فيروس كورونا حرب بيولوجية، تخليق، سلاح بيولوجي كسائر الأسلحة البيولوجية الأخرى سواء كانت بكتيريا أو فطريات، أو فيروسات أو سموم، مستخدم لإبادة المجتمعات البشرية بسبب الطمع الاقتصادي والتغوّل المادي المدّمر.

هذا غرور العلم الذي قام في الإنسان بلا أخلاق !

أيام قنبلة هيروشيما وناجازاكي، كتب فُضلاء الغرب عن "أخلاق العلم" ونبهوا الأذهان إلى ضرورة ربط التقدّم العلمي والتكنولوجي بالقيم الخلقية .. يومها كان آينشتاين ضمن العلماء الذين شاركت أبحاثهم في تفجير الذّرة، فوصف العلم وصفاً دقيقاً، وشاعت حملته العنيفة على العلوم فقال إنها " أعمال جديرة باللعنات"، وأنه برغم عبقريته العلمية ليقول: إن العلم لم يستخدم حتى اليوم إلا في خلق العبيد، ففي زمن الحرب يستخدم في تسميمنا وتشويهنا، وفي زمن السلم يجعل حياتنا قلقة منهوكة مُرهقة، كنا ننتظر أن يستعين الناس بالعلوم في الانصراف إلى الأعمال العقلية، فينالوا بذلك أكبر حظ من الحرية، ولكن بدلاً من ذلك صيرتهم العلوم عبيداً للآلة" ..

لكن الفارق كبير جداً بين تقدير العالم وتقدير السياسي الطامع المغتصب، وهو الذي يتجرد عن الأخلاق ويطبق المنجزات العلمية بمعزل عن القيم الخُلقية.

كانت القنبلة الذريّة الأولى قد ألقاها الأمريكان على مدينة "هيروشيما" يوم ٦ أغسطس عام ١٩٤٥م، وألقيت الثانية بعدها بثلاثة أيام، يوم ٩ أغسطس من نفس العام، بل من نفس الشهر، على مدينة "ناجازاكي"، وتحولت المدينتان إلى كتلة من الفحم الملتهب في فاجعة إنسانية كبرى لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، راح ضحيتها في مدينة "هيروشيما" وحدها مائة وعشرين ألف إنسان في لحظة واحدة، وتكررت الفجيعة بعد ذلك بثلاثة أيام في مدينة "ناجازاكي"، وكان الرئيس الأمريكي ترمان (1884-1972) هو صاحب قرار إلقاء القنبلتين الأولى والثانية، يومها كتب يقول:" إننا خرجنا من هذه الحرب (العالمية الثانية) ونحن أقوى دولة في العالم، بل ربما أقوى دولة في التاريخ" !

لقد كان صاحب القرار السياسي سعيداً بجريمته البشعة كل السعادة .. ففي اليوم الذي ألقيت فيه القبلة الذرية على هيروشيما كان "ترمان" عائداً على ظهر سفينة اسمها "أوجستا"؛ وعندما تلقى نبأ إلقاء القنبلة وانفجارها بنجاح تام، دق بملعقة على ظهر الكوب الذي أمامه وقال: " هذا أعظم شئ في التاريخ، لقد انتصرنا في المقامرة ".. !!

ذلك هو موقف السياسي صاحب القرار، وهو موقف الذي يتجرّد مطلقاً من أخلاق العلم والعلماء، ويتلبّس مطلقاً بأخلاق الخنازير، ولا يبالى بما يقتل ولا بمن قتل .. المهم لديه هو إحراز النصر والقوة والسيادة العالمية ولو على حساب حرق الأبرياء وقتل البشر أجمعين.

وإنما أردنا أن نصوّر الموقف بين تقدير السياسي الطامع المغتصب، وتقدير العالم حتى لا يختلط الأمر علينا فيُعاقب العلم بأفعال السّفهاء من السياسيين الطامعين.

ولكن للعلم مع ذلك غروره !

تطورت مجالاته، وما العلم إلا تطور في تطور، فأعقب ذلك الدخول في عصر الجينات والالكترونات، وزادت ثورة العلم الكاسحة المدمرة، وكلما اتسعت وانتشرت ابتعدت عن القيم الخُلقية، فأصبح الرهان قائماً على التفوق العلمي لامتلاك السيطرة على العالم. والأصل فيه أطماع سياسية اقتصادية. وتسخير العلم لهذه الأطماع أعمال لا صلة لها بالأخلاق.

مرّ حينٌ من الدهر سيطرت فيه الفيزياء النووية على خيال الجماهير باعتبارها ذروة المعرفة: الطاقة = الكتلة x في مربع سرعة الضوء .. ثم جاء بعد ذلك ببضعة عقود زمان تسلم فيه الزمام انفجار الفضاء؛ فمضى يشكل فهم الجماهير لما يمكن أن ينجزه العلم أو التكنولوجيا. ولم يفقد أي من هذين سيطرته تماماً، فلا زال عالم الصواريخ يمثل الشخص البالغ الذكاء، لكننا إذا نظرنا إلى الوضع كمسعى فكري محرك للعقل، تصاحبه السرعة المذهلة للتحرّر من الأفكار المجردة إلى التطبيق العملي؛ فليس ثمة ما يقارن بما يحدث الآن على جبهة البيولوجيا، عند موقع التقاء منظومتين للمعلومات مذهلتين: الكمبيوتر والجين.

فكان من آثار الثورة العلميّة ما أطلق عليه العلماء منذ سنوات بالتقارب البيُوني، وهو تقارب العلوم البيولوجية مع كل التكنولوجيا الإلكترونية، وهذه هى الخصيصة التطورية العضوية للنمو التكنولوجي على حدّ وصف العالم "جون ماكهيل".

أنا شخصيّاً لا أستبعد أن يكون كورونا ضربة بيولوجية، وبخاصّة وقد هددوا به من قبل، وكلنا شهد حديث الرئيس صدام حسين عنه .. معنى ذلك أن هذا الفيروس قديم، وأن استخدامه في الحرب في ظل الأطماع الاقتصادية وارد لا شك فيه، وتلك جناية العلم الذي يتطور بلا أخلاق على البشرية: أعمال جديرة باللعنات كما وصفها آينشتاين وأحسن التوصيف.

 

بقلم: د. مجدي إبراهيم

 

في المثقف اليوم