أقلام حرة

قمصان الحاضر بالتنوع والكثرة

محسن الاكرمينهي نماذج فقط من قمصان التاريخ الماضي ذكرناها بالقلة والعبرة  في الجزء الأول. فهل حقا، قمصان الحاضر قد تغيرت ماركاتها ونوعياتها؟ أم أن تلك القمصان العالمية تستر العورات فقط، ولها السوء الأشد مما ورد في ذكر التاريخ؟ وهل قمصان الحاضر بتنوع مراتب ومجالات الاشتغال تحمل الخديعة والكذب فقط؟ وهل الفساد يمكن أن ينوع ألوان قمصانه دون أن يكشف عن عورة جسده الوضيع؟.

إن الذي يجعل الإيمان مختلف بأحلاف تنوع القمصان الجدد، هو سيادة الفساد بالتفريط، وغياب حكامة المساءلة. هو إذا، الإفراط في تنويع فواكه سلة الالهاءات وإنتاج ماركة "اليأس والتيئيس من أثر التغيير البناء"، هو صناعة جيل مستهلك لقمصان فرجة المربع الأخضر المستورد بالصورة الملونة من القارة العجوز، هو كثرة قمصان الظلم و"الحكرة" و"الحريك"، هي قمصان التنويم "المبنج" المصنوعة من "عشبة" الفساد الأخضر، "عشبة" تزيد من إنهاك الذات والمجتمع"المقهور" وتسوغ استهلاك " المخدر" و ركوب "الزودياك".

لن نركب سوء أفعالنا ومواصفاتنا الغبية التي رتبنا بها قمصان فزاعات شعب الوطن، وزكينا سلبا قميص الفساد والظلم، لكنا يمكن أن نركب للحظة على علو حصان "طروادة " التاريخي ونخفي سر خديعة مكر القمصان القاتلة داخله، ونتوحد على بناء التغيير وإعادة ترتيب الأولويات الحقيقية ما بعد جائحة فيروس"كورونا".

ليكن حديثنا إيجابيا عن أول القمصان التي ظهرت بالتلازم مع طفرة "حريك " فيروس "كورونا" المستجد نحو بقاع العالم، تلك القمصان البيضاء التي تحيلنا على أفلام الفلك واكتشاف الفجوة السحيقة بين الوعي بشكل عام والجهل الرديء الآتي من تقليص قمصان التعلم والعلم. هي قمصان الحياة التي باتت تؤثث مشاهدنا اليومية ونحن في الحجر الصحي، وأبانت حنكة في حرب إنقاذ البشرية من الجائحة المميتة.

نعم الحق نقول، قمصان الطب والعلم البنائي أعادت لنا الثقة في أن الحياة بخير. خلخلة لدينا تراتبيات تلك البنيات العادمة والراسبة، والتي آمنا بها انبهارا، وفبركة من إعلام المواسم والمهرجانات. أبانت سوء تقدير الدولة والمجتمع حين انجرف الجميع نحو تقديس صور البهرجة الفاتنة بواسطة إعلام الحداثة السائلة بالتزييف والتدليس. أعادت لنا قمصان الحياة حقا، إحياء رؤية جديدة يمكن أن تصنع تيارا فكريا جديدا نصطلح عليه " ما بعد كورونا"، وإعادة بناء أولويات العالم والدول.

"من قمصان الجهلة ما قتل" مثال يصدق حقا على أحداث "كورونا" والمواطن الذي لم يقدر حتى أن يلتزم بالحد الأدنى من الاحتماء بالبيوت. تصدق حين أنتج الجهل فجوة بين أحداث التاريخ و وعي الحاضر بشكل عام، حين بات الوعي نكوصا يبحث عن الدواء عند من    "تيبخ على فيروس"كرورنا" تيبرى" وفقط هي "بالهدرة والكلام...".

لن نحاكم الأعراض الناتجة عن قمصان الجهلة، ونقول بأن الوعي عند الشعب غير مكتمل البناء !!! بل لا بد من استدعاء حضوريا وبالصفات والمراتب من تسبب في صناعة "الجهلة الأغبياء" و "الوعي المزيف". نحاكم قمصان الدجالين الرقاة بغير علم ولا بينة. نحاكم قمصان السياسين لي خدامين غير"الدق لتيفلق" من تحت "الدف". نحاكم قمصان سياسي الحداثة والتنوير بالتعميم حين فرطوا  في المطالب الرزينة للشعب، وتهافتوا هرولة وانبطاحا على المناصب والكراسي. نحاكم ذلك الفساد بعينه، والمعلوم للعيان، ونحن لا نقدر أن نجره للمساءلة والمحاسبة. نحاكم نباهة مثقفي "الدولة" و"الوطن" و "الشعب" حين ألجموا الألسن جهرا بالحق، وباتوا بوقا مفتوحا بالسفسطة المملة، ويطلقون على أنفسهم "خبير علاقات..." و" خبير جماعات..." و" خبير تنمية...".

هي القمصان التي تجيء من الماضي بالاستنساخ والتفرد في زيادة سيولة المكر والفساد والظلم في سجل تدوينات الحاضر، هي قمصان ستصيبها الهيكلة الموضعية  لا محالة لأمر التغيير برؤية " ما بعد كورونا".

 

محسن الأكرمين

 

في المثقف اليوم