أقلام حرة

التكامل العضوي!!

صادق السامرائيالوجود كائن عضوي كالمخلوق الذي يتألف من منظومة عضوية متوافقة تعمل معا للتعبير عن الكيان الكامل والفاعل للكائن الحي.

وأي إضطراب يصيب أحد الأعضاء يتسبب بأضرار متنوعة في الأعضاء الأخرى.

وإذا إفترضنا أن الكون كذلك، فأن ما يصيب أحد الأعضاء الفاعلة في كيانه يتسبب بإصابات في أعضائه الأخرى.

والمثال الواضح عن آليات التكامل العضوي هو المخلوق البشري، فما يصيب أي عضو فيه يؤثر على باقي الأعضاء وقد يؤدي إلى تعطيل الكيان وموته.

واليوم تواجه البشرية هجوما فايروسيا فتاكا على الجهاز التنفسي بأعضائه المعروفة، وهذا الهجوم يؤدي إلى تعطيل وظائفه وإصابة باقي الأجهزة بالإختناق والموت الحتمي، لأن خلايا الكيان تعتمد على الأوكسجين الذي يقوم الجهاز التنفسي بنقله من الهواء إلى الدم.

وخطورة هذا الهجوم تكمن في أنه غير منضبط ولا محدد، ولا يمكن السيطرة عليه والحد من تأثيراته بسهولة، لأنه مبثوث في الهواء والموجودات التي نتعامل معها ونلمسها في محيطنا، مما يعني أننا سنكون عرضة لمخاطر وخيمة وسينال منا هذا المارق الخارق القتّال.

فهل يستطيع أي مخلوق أن يكتم أنفاسه لبضعة دقائق؟

وهل يستطيع البشر أن يكبّل يديه؟

إن الواقع الأرضي فيه الكثير من مضادات الحياة ومنغصاتها ومعوّقاتها، لكن المخلوقات تمكنت أن تتحدى وتبقى بأعداد ذات نطاق محدود، إلا البشر الذي فقد القدرة على ضبط التناسل، لأنه لا يخضع لقوانين المخلوقات الأخرى ذات الطبائع الموسمية، فانفلتت أعداده، وناءت الأرض من ويلاته، وكان لا بد لها أن تستنهض طاقاتها الخفية للحفاظ على وجودها الكوني، خصوصا بعد التغيرات البيئية الجسيمة التي أصابتها بسبب البشر.

وإن صحت هذه القراءة فالدنيا ربما مقبلة على وباء سيقضي على نسبة كبيرة من بشرها، ويعيدها عدة قرون إلى الوراء.

فما أبدعه البشر للحفاظ على حياته قد لا يساوي شيئا بالقياس إلى ما سيصيبه من آفات الأرض التي تطلقها حين تشاء.

ويبدو أن إرادة القرون لها دور في هذا السلوك، فمن عادتها أنها تقضي على نسبة كبيرة من خلقها في بداية الربع الأول منها بالحروب والأوبئة، وهذا القرن لم تحصل فيه حروب تقضي على الملايين، ولا أوبئة ذات إبادة عالية، مما يعني أن الوباء الذي سيحيق بالدنيا سيتولى الحالتين، وسيفتك بآلاف الملايين.

فهل أن البشر أضعف مما يتصور؟!!

 

د. صادق السامرائي

20\1\2020

 

في المثقف اليوم