أقلام حرة

التقوية الروحية وكورونا!!

صادق السامرائيالتقوية الروحية من ضرورات المواجهة الشرسة مع هذا الفايروس الفتاك الواسع الإنتشار، الذي شل حركة الدنيا وأجبر الناس على الدخول في مساكنهم إلى أجل غير مسمى.

فما دام العلاح غير متوفر واللقاح يتطلب وقتا، والعدو لا يُرى، فمن الواجب أن نتصدى له بقدراتنا اللامرئية وطاقاتنا الروحية، التي تعزز المناعة وتبني مقاومة ذات قيمة بقائية وإرادة إنتصارية على عدو ينتشر بسرعة الضوء ويسعى لحصد الملايين من البشر.

فكيف تكون التقوية الروحية؟

إنها ليست أضاليل وخرافات ودجل وتغرير وإعماء وأفك مبين، مثلما تقوم به العمائم المتاجرة بالدين.

التقوية الروحية تعني الإيمان والتقوى، والقدرة على تنمية الطاقة الكامنة فينا، وربطها بالإرادة الكونية وإستحضارها لمواجهة وصيانة الذات والحياة.

ففي كل مخلوق هناك طاقة روحية غير مرئية لكنها متجسدة ومستشعرة، ويمكن تعزيزها بالتواصل مع ينابيع الطبيعة الروحية وآلياتها التفاعلية مع خلقها.

فالإيمان أحد أهم أركانها القادرة على إنبثاقها وتدفقها وجريانها في عروق المخلوق، وضخه بالقدرات الكفيلة بتمكينه من السيطرة على ما يحيقه من الأخطار والمداهمات المتوحشة، كصولات الفايروسات والمايكرويات وغيرها من الآفات، لأنها ستنمي مناعته وتزيد من إنتاجية الأجسام المضادة القادرة على صد هجوم العدوان المايكروبي.

والتقوى من أعمدتها الأساسية، لأن الخوف من الله سيهذّب النفس والروح، ويعزز السلوك الرحيم الذي يجعل المخلوق هادئا متبصرا ومتيقنا ومتأملا، وممعنا في التفكر والتبصر، مما يقلل من الإنفعالات السلبية والإفرازات الهرمونية الحارقة المنهكة لجهاز المناعة والمخمدة لنشاطاته الدفاعية.

كما أن التواصل مع الطبيعة والتفاعل مع التراب بروحية إيجابية، والإهتمام بالزراعة وجني الأثمار بأنواعها يساهم في بناء المصدات المناعية عند المخلوق، ويحفزه إلى مزيد من العطاء المنسجم مع الإرادة الكونية، التي تتطلع إلى مزيد من التناسق والهرمونية التفاعلية مع مخلوقاتها، وبهذا تحافط على نبضات وجودها، وقدراتها الدورانية المنضبطة.

وفي الإسلام هناك العديد من الآيات القرآنية ذات القيمة الإيجابية اللازمة لبناء الطاقة الروحية، ومن واجب المتفقهين بالدين أن يستحضروها ويساهموا بنشرها وشرحها والعمل بها، لكي تتحقق القدرات المناعية الجماعية اللازمة لبناء المصدات الكفيلة بردع الأخطار اللامرئية ومنها الأوبئة الفتاكة.

فالتقوية الروحية لها دورها في تنمية المناعة الفردية والجماعية، وعلينا أن نسعى بها وإليها بعلم ومعرفة ودراية ذات قيمة وقائية، وأن لا نخلط بينها وبين الأضاليل والدجل الذي يتاجر به المقنعون بدين.

"وفي أنفسكم أفلا تبصرون"

 

د. صادق السامرائي

 

 

 

 

في المثقف اليوم