أقلام حرة

جاسم الحلفي والعزف على أوتار الغضب

اياد الزهيريوبينما أنا أشاهد لقاءاً تلفزيونياً يجريه الصحفي المعروف خالد الرشد على قناة روسيا اليوم مع البرفسور فلاديمير بلادوكوف الذي يتكلم فيه عن ثورة أكتوبر الأشتراكيه، شارحاً للمشاهدين ظروف ما قبل الثوره، وكيفية الأوضاع السائده آنذاك، وهي أوضاع حسب وصفه تتسم بالفوضى بسبب تذمر الجيش الروسي الذي يُعد بالملايين بسبب أنكساراته العسكريه، وضخامة خسائره البشريه على الجبهتين الأوربيه واليابانيه، بالأضافه لحالة الفقر المدقع والجوع الذي تسبب بموت الآلاف من الفلاحين، يضاف له ما تعانيه الطبقه العامله الحديثة العهد من سوء الأوضاع، وقلت الأجور، وحالة الأستغلال الجائره من قبل أرباب العمل، هذه الظروف العصيبه هي من خلقت حاله شديده من الأستياء والتذمر الشديد بين معظم فئات الشعب الروسي . في خضم هذه الأحداث أستغل البلاشفه تلك الأوضاع لصالح توجهاتهم الأيديولوجيه، خاصه وأن الجماهير في حالة الأستياء والغضب الشديد تنحى نحو الديماغوجيا، وهنا شخص البلاشفه الوضع العام للبلد، وقدروا المزاج الشعبي الذي هو مستعد تمام الأستعداد للخطابات الديماغوجيه، والبلاشفه يمتلكون رجالات تحسن هكذا خطابات وخاصه لينين وتروتسكي، فقد كانوا بارعين في القدره على التحكم بالعقول، حيث كانوا يسيرون وراء مطالب الجماهير، ويناغمون أمزجتهم، ويسايرون مطاليبهم، وخاصه الجنود في مطاليبهم بوقف الحرب، والعمال بتحسين أوضاعهم المعاشيه والفلاحين في معالجة مسألة الأرض، حتى أن لينين كان يقول أذا كانت الجماهير تطالب بشيء ما،فعلى البلاشفه تأييد ذلك الشعار، وهو صاحب المقوله المشهوره (السلام للجنود والحريه للعمال، والأرض للفلاح)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل دعى حتى لتأييد الجماهير في أوكرانيا اذا تطالب بالحكم الذاتي . كل هذا من أجل أستثمار الزخم الكبير والكاسح للجماهير الروسيه من أجل تحطيم النظام القيصري القديم . أنها سياسة أستثمار اللحظه التاريخيه، والسبب أن البلاشفه لم يمتلكوا القوه الجماهيريه الكافيه للأطاحه بالنظام القيصري بسبب قلة عددهم، وأتساع رقعة الأمبراطوريه الروسيه القيصريه، وهذا ما تم في نجاح موجهين هذه الكتل البشريه بأتجاه أهدافهم بتدمير السلطه القديمه، وذلك في ركوب الموجه الجماهيريه الساخطه والغاضبه على النظام القديم، هذا السناريو هو ما جعل من جاسم الحلفي أن يكون موضوع لمقالتي مسترشداً بمبدأ أن العرق دساس، خاصه وأن الرفيق جاسم وقد نهل من ذاك المشرب.

من المعروف عندما تمر الشعوب بأزمات، ويعتريها شعور جامح بعدم وجود للعداله الأجتماعيه، وتذمر من أوضاع سيئه للغايه، وظلم وفقر، ومرض، تبرز في الأوساط الجماهيريه رغبه عارمه للتغير، كما تنمو خيالات وأوهام لعالم بديل لما هو موجود،خاصه عندما تغيب الرؤيه الواقعيه لدى عامة الناس، وهذا ما يجعلهم يحلمون بيوتوبيا سياسيه، هنا يقفز الى الساحه الكثير من الأنتهازيون وحتى الدجاله ممن يمتلكون ناصية الكلام، ويجيدون التلاعب في مشاعر الجماهير، والخبراء بالمزاج العام يركبوا الموجه ويتصدروا المشهد السياسي ليقودوا الحركه الجماهيريه الجامحه نحو أهداف رسموها سلفاً. ومن هذه الشخصيات التي خرجت من ركام الأحداث المسمى جاسم الحلفي، رجل غير معروف في الأوساط السياسيه ولا الشعبيه راكباً الموجه بعد عدة محاولات فاشله للصعود الى البرلمان سواء لشخصه أو للحزب الذي يمثله لسبب بسيط أن الشارع لا يمت لتوجهه السياسي والعقائدي بصله لأن الشارع العراقي معروف بتوجه العقائدي والفكري والعاطفي، كما أن الرجل لم يسجل له في تاريخه أنه قام بمشروع أنساني خيري أتجاه فقراء وشهداء وأرامل العراق . كما أن الرجل لم نرى له لقطه واحده حمل فيها السلاح لمقاتلة الدواعش الذين أرادوا أحتلال البلد والقضاء على كيانه وقتل شعبه . نستنتج من ذلك أن الرجل ليس له رصيد يؤهله لتبوء مقعد في البرلمان العراقي، فالرجل لا يملك الا طموحاً شديداً بالحصول على مكسب سياسي وأن ينال جزء من الكيكه العراقيه المعروضه بالهواء الطلق، فالرجل حزم أمره بأمتطاء حصان جماهيري جامح يرغب بتدمير سلطه فشلت بتدبر أمر البلد وقيادة شعبه، فما كان من الرجل الا أستعادة تاريخ رفاقه الأوائل في أستغلال السخط الجماهيري وتأيد مطالبها والترويج لأفكارها حتى أكثرها رديكاليه،بل وحتى أمجها شعاراتياً، لكي يؤجج نارها لأشعال الشارع العراقي وزيادة لهيبه لكي يحرق به الأخضر واليابس رغبتاً للوصول لحالة الفوضى التي تتيح له الوصول هو ورفاقه لتطبيق أجنداتهم بالوصول للسلطه التي يحلمون بها منذ ثلاثينيات القرن المنصرم، والتي طالما حلموا بها، ولكن عجزوا حتى من تذوقها،بالرغم مما قدموه لصدام من تنازلات، وتعاون،حتى في ضرب الجماهبر،كما في واقعة خان النص في سبعينيات القرن الماضي، فالرجل يبدو وقد أستحضر الأرشيف البلشفي لرفاقه القدماء، فأخذ يتملق في ساحات التظاهر للشباب المنفلت، ويدغدغ أحلامهم،وهو يشاهد بأم عينيه مظاهر الفسق والأنحلال والفساد الأخلاقي، والتي لا تمت لمجتمعنا ولا لقيمنا بأدنى صله، ولكن الرجل تحول الى مراهق أكثر من المراهقين أنفسهم، وأخذ يتبنى شعاراتهم والدفاع عن مطالبهم المشروعه والغير مشروعه . فهو لم يشجب الحرق ولا التدمير بل قد يعتبره حاله من العنف الثوري كما تدعيه أدبياتهم العتيده، ولم يشجب السرقات التي تمارسها الأحزاب الكرديه . ولم ينتقد ولا لمره واحده ما أقدم عليه مسعود البرزاني من الأستفتاء على الأنفصال عن البلد الأم، ويبدو الرجل مخلص لمبادئه وخاصه لشعار تأيد مطالب الجماهير الذي نادى به الرفيق لينين، والذي منه كما أسلفنا أعلاه في تأييد الجماهير حتى أذا طالبوا بالحكم الذاتي لأكرونيا. فالرجل لا يمس سرقات مسعود لأنه يتقاضى راتب الخدمه الجهاديه الذي زكاه به مسعود بأعتبار خدمته مع البيشمركه في فترة ثمانينات القرن الماضي . فنحن كعراقين ماذا لمسنا من الرجل،هل لمسنا منه يوماً بأن قدم مشروعاً سياسياً لأنقاذ البلاد من الفوضى، أو مشروع أصلاحي يفيد فيه الجماهير التي ينادي بأسمها . أقصى ما عمله، هو تحالفه مع مقتدى الصدر لتشكيل كتله كبيره لعها تحجز له مقعد برلماني يتقاضى عليه أمتيازات كبيره، والا من الذي يجمعه مع مقتدى غير المكاسب السياسيه، ومن العجب أنه يدعي من جبهة اليسار وتصف أدبياته أن مقتدى من أقصى اليمين . أنها لعبة الوصوليه المقيته، والتي تدفع فاتورتها الجماهير . فالرجل لم ألمس منه الا المقابلات التلفزيونيه الخاليه من أي مشروع مقنع للناس، وهو نشط في لقاءاته الصحفيه لكي يقول أنا موجود بالساحه . لا أشم منه الا رائحة التملق والتزلف للأقوياء من أصحاب المركز والمال السياسي، فالرجل يجعجع كثيراً ولكن لم نرى من جعجعته طحيناً تشبع جوعان، ولا من دوران مغزله ما يكسي عريان، فالرجل ليس أكثر من ظاهره صوتيه، وكما يقول المثل الروسي (الصوت لا يكسر الفأس).

 

أياد الزهيري

 

 

في المثقف اليوم