أقلام حرة

وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا

البر لغة:كلمة جامعة للخير كله وتشمل الكثير من المعاني، كالخير، والطاعة، والاكرام، واللطف، والاحترام، ونكران الذات، وهي عكس العقوق تماما والعياذ بالله.

واما اصطلاحا فهي تطلق على الاحسان، والقول الليّن اللطيف الذي يدل على الرافة والمحبة، والشفقة، والعطف، والاحسان، ومراعاة الله في الحقوق، والابتعاد عن الكلام الغليظ الذي يؤدي الى النفور والبغضاء.

يداب الابوين على تربية الابناء وبذل الغالي والنفيس في سبيل رعايتهم وايصالهم الى بر الامان، فترى الام التي كرمها الله لتحمل الجنين تسعة اشهر وهنا على وهن، وكل تلك الالام والصعوبات التي تكابدها في حمله ثم وضعه ومخاضات الولادة العسيرة، وكم من الامهات خسرن حياتهن عند الوضع، ثم تتكفل بارضاعه والسهر عليه حتى يشتد عوده، غير ابهة لصحتها وراحتها وحياتها، تكرس كل جهدها في سبيل تنشاة ابناءها التنشئة الصحيحة، ابتداء من اول يوم لهم في الحياة وتبقى مواكبة لهم شادة ازرهم، سهرانة على راحتهم، ولذلك كرمها الله وجعل "الجنة تحت اقدام الامهات".

ويقوم الاب بالدور الاخر من هذه المهمة الشاقة، فتراه يكد ويتعب، يمارس كل الاعمال ليحصل على قوت اسرته، خصوصا اذا كان انسانا بسيطا لايمتلك شهادة، او خبرة، او مهنة، فهو يقوم باي عمل مهما كان مضنيا ليتدبر قوت اطفاله ومستلزمات معيشتهم.

ان بر الوالدين من احب الاعمال الى الله بل واقدسها واقربها لنيل طاعته، وقد فضلها الله ورسوله على كل الاعمال الصالحة، لما للوالدين من دور عظيم في حياة الابناء ومايترتب عليه من تنشئة صحيحة ترفد المجتمع باعضاء نافعين يحملون على اكتافهم مهمة البناء والاعمار وتطوير الحياة، خصوصا اذا كان الابوان صالحين يحرصان كل الحرص على تربية الابناء تربية سليمة قوامها الاخلاق وطاعة الله، من اجل بناء مجتمع قوامه الخلق الصحيح، فكم من ام كانت اداة بناء وتقويم في المجتمع من خلال تربية ابناءها وحثهم على الصلاح، وكم من ام كانت اداة هدم للمجتمع، من خلال جهلها واهمالها وعدم مسؤوليتها في تربية الابناء، او التخلي عنهم وبالتالي ضياعهم وسلوكهم طرق معوّجة ادت الى هلاكهم او تلكاهم في اداء دورهم الانساني كمواطنين صالحين، والموضوع ينطبق على الاب كذلك فهو ان كان مسؤولا عارفا ومقدرا لدوره الاساسي في حياة الابن شادا على يديه، مقوما لزلاته وعثراته، مراقبا لكل اعماله وافعاله، فيكون بذلك قد ادى رسالته الانسانية والدينية التي كلفه الله بها والضمير على اتم وجه.

ان بر الوالدين يكون بالاحسان ا ليهما خصوصا اذا تمكن العمر منهما، ومتابعتهما وصلتهما رحمة من الله تعود خيرا على الابن في حياته ودينه ودنياه ويكون قدوة لابناءه ليقومون بالعمل ذاته في المستقبل، وهو بذلك يكون قد ادى ولوجزء يسير من واجبه تجاه ابويه، وهكذا تستمر الروابط الاسرية وتشتد وشائجها، هذه المنزلة الرفيعة التي خص بها الله الوالدين والتي تاتي مباشرة بعد عبادة الله جل وعلا فهو قضاء ديني وتكليف شرعي للبر والاحسان، قال تعالى"وقضى ربك الاتعبدو الااياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما".

كم جميلا ان يعامل الانسان ابويه بالرحمة والرافة وان يتفقدهما ويقبل يداهما على كل نعمائهم عليه بعد الله سبحانه وتعالى، مقرا بجميلهما عليه، بارا لهما في كل الظروف..

رحم الله من توفاه من اباءنا وادخله فسيح جناته، واطال الله عمر من بقي منهم على قيد الحياة..

"اذا مات ابن ادم انقطع عمله الامن ثلاث:صدقة جارية، علم ينتفع به، اوولد صالح يدعو له"حديث نبوي.

 

مريم لطفي

 

  

في المثقف اليوم