أقلام حرة

الحرب العالمية المزمنة!!

صادق السامرائيالبشرية تعيش حربا عالمية بجوهر ما تعنيه، إذ تكاد جميع دول الأرض تخوض غمارها، وتحاول المقاومة والدفاع عن حياة أبنائها.

وهي غير مسبوقة وربما مقيمة لعدة سنوات أو لعقود، وستعطل قدرات القوى الكبرى التدميرية، وستجعلها رهينة الدفاع عن نفسها أمام هذا المارد اللامرئي العنيد الفتاك.

قد يقول قائل إن البشرية ستنتصر على الفايروس وتخرج من حربها معه أقوى وأقدر، وهذا تقدير مبني على الحالات السابقة للأوبئة التي تكررت، لكن القادم الجديد مختلف تماما، فهو سريع الإنتشار وفتاك وعدوانيته متوافقة مع قدرات الدول التدميرية، وكأنه إستهدف الأقوياء أولا، وسدد هجماته إليهم وأعلمهم بأنه سيمنعهم من إستعمال ما لديهم من أدوات فناء.

والبعض سيرى أن المقال تشاؤومي، لأن العلم سيأتي باللقاح والدواء، واللقاح يحتاج لعدة أشهر وكذلك الدواء، ولا يُعرف مدى كفاءتهما، وما هي الأضرار الجانبية المترتبة عن إستعمالهما، وهل أن اللقاح سيوفر المناعة الكافية، وغير ذلك الكثير.

فهذه حرب عالمية حقيقية وحّدت البشرية، وجعلتها تتفاعل لمواجهة عدو مشترك يستهدفها ولا يميز بينها، ولهذا فأنه سيعيد ترتيب الأوضاع والأفكار والرؤى والتصورات.

قبل عدة سنوات كنت في جلسة حوار الأديان، وتحدث ممثلو الأديان عن الموقف من الحرب، وكانوا يشتركون بذات الفكرة، وكنت آخر المتحدثين، فعندما جاء دوري إحترت عمّاذا سأتحدث، فالجميع محب للسلام والوئام والدنيا تزدحم بالصراعات والحروب، فوجدتني أقول: نحن بحاجة لعدو من خارج الكرة الأرضية ليوحدنا ويفاعلنا ويدرينا بأننا أمة بشرية واحدة، فحدق الحاضرون بوجهي مستغربين، فقلت: هذا ما نحتاجه، وما عندي ما اضيفه، فأنتم تحدثتم عما في الإسلام من مبادئ وتصورات، فانزعجوا، لكنها الحقيقة الساطعة التي لا نريد رؤيتها وإدراكها.

وفي حينها لم يخطر على بالي الوباء!!

وفي زمن كورنا تذكرت ذلك الحوار، وأرانا اليوم نسعى للوصول إلى مفهوم الأمة الإنسانية الواحدة رغما عنا، لأن الكورونا ربما سيقيم وسيبقى يهددنا حتى يرينا سواء السبيل، ويجعلنا نخطو على الصراط المستقيم!!

نعم إنها الحرب العالمية المُستدامة، التي ستغنينا عن ألف حرب وحرب، كادت أن تطرق أبواب وجودنا وتحيلنا إلى عصف مأكول، وإنها لأهون الشرين!!

فهل سننتصر على العدو الذي فينا؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم