أقلام حرة

النكبوية!!

صادق السامرائيمن النكبة وهي ظاهرة سلوكية عربية بإمتياز، قد ترقى إلى درجة الإضطراب التفاعلي المزمن الذي يستعصي معه العلاج.

فكلمات "نكبة"، "نكسة"، "هزيمة" وأخواتها من المفردات السلبية والإقناطية الداعية للإستسلام والتمرغ بنجيع التداعيات.

وهذا الإضطراب أصاب المفكرين والكتاب والمثقفين العرب، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى التي رفعت رايات " الإنكسار"، وحتى اليوم.

فما أن جاء عام 1967 وما جرى في شهر حزيران منه، حتى أخذت الأقلام تترنم بألحان النكسة والهزيمة وما يتصل بهما، ولا يزال بعض المفكرين العرب يُرجعون ما يحصل الآن إلى تلك النكسة!!

فلا يوجد هكذا إقتراب عند مجتمعات الدنيا الأخرى، فألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ما تكلمت عن النكسة والهزيمة، وإنما عن إعادة القوة والبناء، وكذلك اليابان، وغيرهما من دول العالم التي خسرت في منازلاتها مع غيرها.

ومن الصعب تفسير هذه الظاهرة وفهمها، إلا بالقول بأن الأقلام التي روّجت لها كانت تتقاضى أجورها من أعداء الأمة، وتسعى لترسيخ إرادتهم وتحقيق مشاريعهم.

فبعد عقود وعقود من السير على سكة الإنتكاسة والهزيمة، ترانا في أسوأ الأحوال المتوافقة مع إرادة الطامعين بنا، ومن بيننا أعداء لنا أشد عدوانية علينا من أعدائنا، وعندنا وطنيون وغيارى على مصالح الآخرين أكثر من غيرتهم ووطنيتهم.

والبعض يرى أن مجتمعاتنا تعج بالخونة الذين لهم دورهم الكبير في تعزيز المشاعر السلبية والقهرية والإستسلامية، والإيمان بالتبعية والخنوع لأعداء الأمة.

وفي جميع الأحوال والأجيال، فأن القادة بأنواعهم ودرجاتهم قد أسهموا بتوطين المفاهيم التعجيزية، وترسيخ السلوكيات المناوئة للحياة الحرة الكريمة، ويأتي في مقدمتها إلغاء قيمة الإنسان ودوره في بناء الوطن.

ومن العجيب أن تقرأ مقالات لكتاب يتحدثون فيها عن النكسة والهزيمة وأثرها في صناعة الحاضر العربي المرير، ولا تجد في مقالاتهم ودراساتهم ما هو إيجابي ومشجع على التفاعل الإبداعي الإبتكاري العلمي مع الحياة، وخلاصة ما يريدون قوله أن على العرب الإمعان بالتوحل في أطيان الهزائم والنكسات، وأنهم لا يجيدون سوى التبعية والخنوع والسقوط في مستنقعات الأنين والتشكي والتظلم، والتباهي بالفساد المقيم.

فلماذا تحولت النكسة إلى مشروع وجود عربي؟

ولماذا الهزائم عنوان العرب؟

هل لديكم جواب آخر؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم