أقلام حرة

قرابين العنف الاسري.. قبل وبعد كورونا الى متى!!

"فامسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف ولاتمسكوهن ضرارا لتعتدوا"..النساء19

لقد عاشت المراة في العصر الجاهلي عقودا من الذل والاستعباد، فكانت حالها حال اية غنيمة من غنائم الحرب، تباع وتشترى، تنهب وتسلب، توأد، وتستعبد، تستغل، وتسبى، لم تكن تملك شيئا من حطام الدنيا، لامال، لاارث، الا مااختص بعلية القوم، وحتى تلك الشريحة المستثناة سرعان ماتقع بالاسر والرق لتصبح غنيمة من غنائم الحرب، لكن الاسلام كرم المراة واغدق عليها الحقوق وساواها بالرجل بان جعلها شريكة له"ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" واضفى عليها صفة القدسية بان جعل "الجنة تحت قدميها"، جعل لها نصيبا بالميراث بعد ان كانت تؤكل حقوقها"للرجال نصيب مما كسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن.."، احتفظت باسمها الصريح واسم عائلتها حتى اذا تزوجت، وقد جعل الله لها سورة كاملة بالقران هي سورة النساء، التي فصلت حياة المراة بادق التفاصيل، وسورة النساء الصغرى " سورة الطلاق" وذكرت في سورة البقرة والمائدة والنور والاحزاب والمجادلة حيث جعلها الله مجادلة ومحاورة للرسول"والله يسمع تحاوركما" والممتحنة والتحريم، فهل هناك اكراما اكثر من ذلك، كل تلك الحقوق نالتها قبل 1400 عام وحسب تقدم الزمن فلابد ان تتقدم المراة كذلك لتنال حقوقا اكثر لا ان تتراجع وتعود الى المربع الاول بعد النكوص الكبير الذي حل بالمجتمع!

ان المراة اليوم تحرم من التعليم تحت اي ذريعة، تؤخذ القرارات بدلا عنها لانها ناقصة عقل!، يفرض عليها شريك الحياة حسب المصلحة، تحرم من الذهاب الى العمل كي تبقى تابعة، تحرم من ابسط حق وهو الذهاب لرؤية اهلها، وقد اجتهد الرجل الذي امنته نفسها وحياتها بايجاد حزمة من الاحاديث الضعيفة او انصاف الايات لكي يفحمها ويعيدها الى عصر الاماء لاحول ولاقوة لها وقد يشاركه بهذا العمل اهله والمجتمع وسكوت اهلها تحت اي ذريعة وتبدا الماساة متسلسلة، ويبدا الضغط النفسي خصوصا ان كانت تعيش مع اهله في نفس البيت فغالبا مايجد العون بممارسة حقوقه المزعومة لاجحاف حقوقها، وشيئا فشيئا تبدا سلسلة الممنوعات والمحرمات التي يبيحها لنفسه بلا قيد اوشرط، ملبيا لصوته الذكوري الذي يشرعنه كيفما اراد فيبدا بالسب واللعن والضرب المبرح لاتفه الاسباب، منعها من الخروج او الدراسة اوالعمل، او الذهاب الى اهلها وقد يصل الحال به الى منعها من استخدام الهاتف للاطمئنان على ذويها، ومع سكوت او تجاهل او خوف اهلها لاي سبب من الاسباب تقع الفتاة/المراة ضحية الضغوط النفسية التي لاتطاق لتصبح بعد ذلك الحياة جحيما مطبقا على انفاسها، تتالم وتعاني وتغتصب حقوقها تباعا وقد تتعوق وقد تخرج بعاهة او تكسر يدها او رجلها وتسكت تحت بند" العيب والحرام" مع من لايعرف العيب والحرام، وبمحاولة منها لايقاظ صوت الضمير المنفصل عنده او استجداء العاطفة الميتة اصلا فتقوم بتهديده بانها ستنهي حياتها لتفاجئ ان الامر لايهمه وانه يتلقى الامر بكل برود بل ويساعدها في انجاز هذه المهمة التي تنتهي بقتل نفسها اما باضرام النار بجسدها الغض او اي اسلوب اخر لانهاء معاناتها – حسب اعتقادها- تاركة الالم والحسرة والحزن والندم ياكل اهلها وذويها وربما اطفالها الذين تركتهم فريسة اليتم والمعاناة..

ان الموضوع اكبر بكثير مما نتصور والذي يحدث وسط تعتيم وتكتيم بسبب الاعراف والتقاليد والقيل والقال، ومايبلغ عنه فهو نسبة ضئيلة جدا قياسا بالاعداد الحقيقية، التي باتت متزامنة مع اجراءات الحضر والحجر المنزلي، فهذه الظاهرة لم يخلقها الحجر، لانها موجودة اصلا، بل ازدادت سوء في ضوء البقاء بالبيت دون شغل شاغل سوى ان يضع الرجل انفه في ابسط تفاصيل الحياة محولا الحياة الى جحيم مطبق!

ان ظاهرة انتحار النساء قد اتت ا’كلها في الاونة الاخيرة في المجتمع بصورة مرعبة وخصوصا عند فئة الشابات العشرينيات وباتت تدق ناقوس الخطر على ابشع ظاهرة يشهدها المجتمع حيث تقوم الضحية بسبب الضغوط المرعبة التي تتعرض لها من سب وشتم ومنع وتحكم وسلب للحريات والتحكم بكل صغيرة وكبيرة وسلسلة من الممنوعات لها اول وليس لها اخر تصل الى الحجر القسري في البيت ومنعها من مخالطة الاخرين حتى ذويها، ليس بسبب كورونا بل بسبب الامراض النفسية التي لاتعد ولاتحصى التي تعاني منها نفسه المريضة، فتقوم باضرام النار في نفسها منهية بذلك حياتها او في احسن الاحيان تخرج مشوهة تماما تاركة غصة وعبرة في نفس ذويها ومتسببة في تشرد اطفالها ان كان لها اطفال وسط سكوت المجتمع والجهات المعنية ونفاذ الزوج بافعاله وتنصله من المسؤولية وكان شيئا لم يكن غير ابه للنفس التي تسبب بازهاقها بدم بارد، بل تجده يؤسس لحياة اخرى مع ضحية اخرى!

هذا الموضوع يجب الايمر مرور الكرام وان تكون هناك حماية وتحصين لكل امراة من العنف الذي تتعرض له على يد اسرتها اوزوجها "الملاذ الامن"، ويجب ان تكون هناك دوائر رسمية مختصة اومنظمات مجتمع مدني تتولى على عاتقها حماية المعنفات وايجاد سبلا للعيش الكريم يجعلها قادرة على ادارة شؤون نفسها واولادها في حال كانت احتياجاها اقتصادية، وتوفير الحماية لها في حال كانت تعاني من التعنيف على يد الزوج/ الذكر الذي يتلذذ وهو يرى هذه المخلوقة الضعيفة تتعذب وتعاني فيما يعتبر ذلك مصدر قوة له ومدعاة للفخر لانه يحكم سيطرته على زوجته عكس فلان وفلان وانه قد سد النقص الذي يعاني منه واشبع غروره بماساتها!! قال رسولنا الكريم"فاتقوا الله في النساء، فانكم اخذتموهن بامان الله"..

ان الاستهانة والاستهتار بالقيم السماوية بقتل النفس التي حرم الله قتلها والانحطاط بالقيم الانسانية الى مادون الدون لهو امرمحزن و مخزتشجبه كل القيم، قال سبحانه وتعالى"ياايها الذين امنو لايحل لكم ان ترثوا النساء كرها ولاتعضلوهن لتذهبوا ببعض ماتيتموهن.."فاذا كان موقف القران من المراة صريح دون لبس وهو حفظ حقوقها وعدم التفريط بها واكرامها، فالسؤال الذي يطرح نفسه العنف ضد المراة الى متى! والى اين!

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم