أقلام حرة

صادق السامرائي: نور الدين ونار الأدينة!!

الدين، أي دين هو نور الأرض وبوصلة صراط البرايا المستقيم، والأدينة هي المتاجرة بالدين، ولكي تربح تجارتها لابد للدين أن يستحيل نارا، وعندها ستكون الأرباح وفيرة، فالسلام لا يدر أموالا كثيرة، بينما التقاتل والتحارب من التجارات الرابحة عبر العصور.

فلكل حرب تجارها وأثرياؤها، حتى ما كان يحصل بين القبائل والفئات، وفي تأريخنا أثرياء حرب (داحس والغبراء) معروفون وموثقون في معلقة زهير بن أبي سلمى.

فهل وجدتم نورا لا تتخلله النار؟

لو بحثنا في مسيرة الأديان، فسيظهر أن نورها إنطفأ في مراحل ما من عمرها، وشبت فيها النيران التي تسببت بتفاعلات متأججة، أحالت العديد من مفرداتها إلى رماد.

فلماذا نتهم دينا دون غيره بما مارسته جميع الأديان؟

إن العلة في النفس البشرية وليست بالأديان، لأنها تمتطي الدين وتروضه وتؤهله ليعبر عما فيها من الرغبات والنزعات المطمورة، التي تُظهرها بأقنعة متنوعة ومتطورة.

ولكل دين أقنعته  اللازمة للإشارة إليه، والتعبير عن نواياه وما يرتأيه من التصورات والتشريعات السلوكية، التي يريد البشر أن يلتزم بها ويتخذها سبيلا لحياته.

ومما تشترك به الأديان أن نارها تأكل نورها وتسود، فيكون النور بعيدا، والنار المتأججة تحرق الموجودات بإسم الدين، وبموجبها تتحطم الإرادات الإيجابية وتنطلق التفاعلات السلبية اللازمة للتعبير عن نار الدين، وتضفي عليها التوصيفات النورانية، فيصبح ما هو ضد الدين يمثله، وجوهر الدين من الممنوعات، لأنه يخل بشرف النار الفتاكة المتسلطة على رقاب المرهونين بالدين.

وبين النور والنار مسافة طويلة، وأكثر الأديان يخفت نورها وتتصاعد نيرانها، فالعقل يستثمر بقوة في النيران، ولا يعنيه النور فهو الوجه الخافت من الدين، والمنطقة الضعيفة القاضية بتمرير منطلقات التدمير الذاتي والموضوعي.

فكيف نحافظ على ديمومة النور في الدين؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم