أقلام حرة

الأغلبية في خطر (12)

سليم الحسنيالزيدي والصافي، بطولات بدماء الشيعة

ذكرتُ في المقال السابق، أن أحمد الصافي كلّف مجموعة من أتباعه المعممين بإثارة الشبهات على عمل المقاتلين في (لواء عمار بن ياسر) بدعوى أن وجودهم غير شرعي، وأن أي عمل خارج نطاق فرقة العباس غير مبرئ للذمة ومحرم شرعاً.

بعد هذه الحملة النشطة، قرر قادة لواء عمار بن ياسر تلافي المشكلة، بأن أعربوا عن استعدادهم لضم اللواء الى فرقة العباس، طالما أن الهدف هو الدفاع عن المقدسات وطرد تنظيم داعش من العراق.

وافق الصافي على ذلك، لكنه لم يكتف بهذه الخطوة، لقد كان يريد تجريد اللواء من قادته العسكريين، وإنهاء تشكيلاته نهائياً بحيث لا يبقى له من أثر. فهو يعرف أن وجود لواء تعداده (٢٠٠٠) مقاتل، تحت عنوان فرقة لا يتجاوز عدد مقاتليها الـ (٢٧٠) مسألة غريبة وتبعث على السخرية في نظر المقاتلين والضباط العسكريين. لذلك لجأ الى التضييق على مقاتلي (لواء عمار بن ياسر) فلم تشملهم خدمات العتبة العباسية من الطعام والإسكان والمستلزمات اليومية والتجهيزات العسكرية. وكان ذلك الإجراء يهدف الى أن يشعر مقاتلي اللواء بالضجر فيتفرقون فرادى وجماعات على تشكيلات فرقة العباس.

لم يرّ الصافي علائم الضجر على الشباب المقاتلين، كما لم ترصدها عينه الثانية (ميثم الزيدي)، مما زاد من استياء الرجلين ونقمتهما على (لواء عمار بن ياسر). وقد اكتشفا بحاسة الباحث عن الإمتيازات في زمن الأزمات، أن وجود الضباط العسكريين في قيادة اللواء تمنع تفرق أفراده. وهنا جاء دور (ميثم الزيدي) ليحقق رغبته ورغبة سيده الصافي. فصدرت التوجيهات بأن يقدم بعض قادة اللواء استقالتهم، كما جرى تهميش الآخرين بحيث لم تعد لهم أي صلاحية في إدارة وقيادة المقاتلين.

أولى خطوات التفتيت التي قام بها أحمد الصافي، جاءت اثناء معارك منطقة (آمرلي). فقد تحركت الى ساحة القتال مجموعة من اللواء تعدادها (٢٥٠) مقاتل بقيادة العميد سعد الغانمي، وبتسليح بائس من العتبة العباسية، حيث أن العتبة لم تزود اللواء إلا بـ (٩٠) بندقية مع أن عدده (٢٠٠٠) مقاتل. ورغم ذلك فقد أنجزت المجموعة واجبها القتالي وعادت الى مقرها. وكان المقاتلون يتوقعون استقبالاً مناسباً وتكريماً من قبل أحمد الصافي، لكنهم فوجئوا بأن حاكم العتبة العباسية طلب من قائد اللواء تقديم استقالته، فاستجاب للأمر وعاد الى بيته بهدوء. وتم تعيين مساعده العقيد عبد المحسن الجبوري بدلاً منه، لكن من غير صلاحيات، بما في ذلك منعه من التوقيع على أي كتاب أو ورقة أو طلب.

وزيادة في الاستهانة بقيادة اللواء، جرى توزيع تعميم على المقاتلين بأن إدارة العتبة العباسية لا تتعامل مع أي كتاب إلا إذا كان موقعاً من قبل ممثل العتبة.

كان الصافي والزيدي يبحثان عن وهج إعلامي، يصبح فيه الثاني بطلاً ميدانياً. ولم يكن السبيل الى ذلك إلا من خلال عملية قتالية. وهذا ما حدث، كانت عملية قتالية بعقلية تجار الدم. وأشد ما يهدد من خطر الشيعة عندما تكون دماؤهم سلعة تجارية في صفقات السياسة.

سأتناول ان شاء الله في المقال القادم، ما فعله الزيدي.

 

سليم الحسني

٥ أيار ٢٠٢٠

 

في المثقف اليوم