أقلام حرة

الغيبية القاهرة لوجودنا!!

صادق السامرائيالعلماء المسلمون يشتركون بخطيئة كرّروها مرارا فأوردتهم سوء المصير، فأكثرهم أقحم نفسه في الأمور الغيبية المتصلة بالدين، وراح يرى ويتصور ويتمنطق ويتفلسف، وينتهي إلى قناعات ظنية لا يمكنها أن تكتسب درجة القطعية،  لعدم القدرة على إستحضار البرهان والدليل الأكيد.

ويبدو أن الدافع للإقتراب من الدين هو محاولة الفوز بحظوة السلطان لكي يغدق عليهم المكرمات.

فالعلماء المسلمون تجدهم بارعون في الطب والرياضيات والهندسة والموسيقى وباقي العلوم التي يسمونها دنيوية، ويرون أن العلوم الدينية هي الأرقى والأتم، فيقحمون أنفسهم بالدين والتعاطي مع الموضوعات الغيبية.

وفي القرآن الكريم آيات صريحة تقول بان الله عالم الغيب، ومنها : "هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب...."، "عالم الغيب والشهادة هو العزيز الحكيم"، ...فقل إنما الغيب لله..."، فالغيب من إختصاص رب العباد وليس العباد.

هذا الخوض في عباب الغيوب تسبب بتشكيل الفرق والجماعات التي ترى ما تراه، وتقتنع بما تقتنع من الأمور المتصلة بالغيب، وهي كثيرة ومتنوعة وتسبب أوجاعا في الرأس، لمن يحاول إستحضارها، ولا فائدة ترتجى منها، بل تؤدي إلى تخاصمات وعداوات وتكفيرات وسفك دماء.

ولا تزال هذه الحالة قائمة حتى اليوم، إذ تجد العديد من أدعياء الدين يتمسكون بتصوراتهم المناهضة للدين ويحسبونها الدين القويم.

والعقول درجات وفقا للمدارات التي تكون فيها الطاقات التي تحتويها. 

ولكي تخرج الأمة من دواجي الغمة، عليها أن تترك الخوض في الغيبيات وسبر أغوار لا قبل للعقول على وعيها وإستيعابها، فالعقل له حدوده وقدرته المتصلة ببيئته المعرفية.

والدين يسير وبسيط فلماذا يتحقق تعسيره وتصعيبه؟!!

أ لغايات تجارية دنيوية ذات هدف سيئ؟!!

فهل لنا أن نرعوي ونهتم بما نستطيع ونترك ما لا نُطيق لمن يُطيق؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم