أقلام حرة

إبن تيمية وما فينا!!

صادق السامرائيكُتِبَ الكثير عن إبن تيمية، وتردد إسمه في العقدين الأخيرين، وفاق الذين تفاعلوا مع الدين وأطلقوا فتاواهم عبر القرون.

ولا نزال نقرأ عنه في الصحف والمواقع، بل أن كتبه ربما أوسع إنتشارا وبيعا، وما تساءلنا لماذا الميل نحو إبن تيمية؟

ولماذا فاعل في حياة العرب والمسلمين منذ القرن الثالث عشر؟!

هذه الأسئلة لم تُطرح من قبل، وما قرأنا أجوبة واضحة عليها، وكأنّ الأمة مرهونة به، شئنا أم أبينا!!!

والعلة في الأمة وليست بإبن تيمية وحسب، الذي عاش ظروفا وواجه تحديات فأبلى في الذود عن حياض الأمة والدين، بما يناسب مكانه وزمانه المشحون بالمَعاضل الجسام!!

فإجتهد بفتواه التي أملتها عليه أحداث عصره، وأمعن بمجابهتها والحفاظ على الدين كما تصور ورأى.

فلماذا إنحسر دور معظم الفقهاء وخبتَت آراؤهم وبقيَ إبن تيمية فاعلا في مجتمعاتنا؟

لنبحث بموضوعية وحيادية عن الجواب، ولنتحرر من الكتابات المتطرفة المشحونة بالعاطفية والإنفعالية والتصورات الواهية.

ولكي نجيب بعلمية لا بد أن نتساءل هل أن ما طرحه يتوافق وما يجيشُ في أعماقنا؟!!

فالبشر يكنز نسبة عالية من الوحشية، وميّال لسفك الدماء وللنقمة وللعدوان، والشر يعتمل فيه ويطغى على الخير، ومهما توهمنا بأنه مخلوق عاقل، فأننا في هذيان هائل.

البشر مخلوق عاطفي، تتحكم بسلوكه النفس الأمّارة بالسوء، التي عجزت عن تهذيبها والسيطرة عليها الرسالات السماوية والدنيوية، وكلما وَجَدَتْ ما يؤهلها للإنطلاق والتعبير عن حميم رغباتها فأنها تندفع نحوه، وتتمسك به بقوة وتؤكده بشراسة.

ومن طبائع البشر أنه لكي يرتكب المآثم والخطايا ويصل بتوحشه إلى ذروته، يحتاج لتبريرات دينية تحرره من المسؤولية وتمنح عمله معنى آخر، وربما قدسية، أو تحسبه طقسا تعبّديّا يُقرِّبه إلى الرب الذي يعبد.

وأية فتوى تدعو إلى التعبير عن طاقاتهِ المطمورة، ستجد لها أفواجا من البشر مؤهلة لترجمتها وإتخاذها مذهبا أو سلوكا تمارسه.

وربما تكون فتاواه متوافقة مع ما في النفس من نوازع ودوافع تمكَنَ من إضفاء معاني دينية وروحية عليها، وما دام الطبع كذلك فالفتاوى المطابقة له فاعلة وحيّة !!

ويجب أن لا نغفل أنه إبن وقته العصيب الذي أوجبَ أشد المواقف والقرارات، فالأمة كانت على شفا الهلاك المبين، ولكي ننصفه علينا بدراسة تلك المرحلة بعناية وتدبّر.

قد تعترضون، وتغضبون، وتتهمون، وغير ذلك، فالمقال يتناول زبدة الموضوع وجوهره، ويبتعد عن التفاصيل التي هي وفيرة ومكررة في العديد من الكتب والمقالات.

فهل أن إبن تيمية كشف الذي فينا؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم