أقلام حرة

هل ما يكون أعظم مما كان؟!!

صادق السامرائيالأمم لا تندحر وتستنقع في فترة زمنية غابرة من مسيرتها فوق التراب، وإنما تتحرك بوعي وإقدام نحو ما يجب أن يكون وفقا لمقتضيات عصرها ومستجداته المعرفية، ولهذا فهي في توالد متقدم وتطور مستدام.

وما يميز أمتنا عن غيرها من الأمم، أن فيها مَن لا يؤمنون بدوران الأرض وتغيرالزمن وتنامي المعارف والعلوم، ويحسبون الذين في القبور أعلم الخلق ولن تجود بمثلهم أو بأحسن منهم أرحام أمهات الأمة.

وفي تصورهم خطيئة كبيرة وإثم شديد لأنهم يعطلون الحياة ويتوهمون بقدرتهم على توقيف الزمن وإلغاء المكان، وتحنيط البشر في أقبية الذي مضى وما إنقضى.

فالبديهية تقول والمنطق يبيّن، أن الأمة فيها المئات من الذين هم أكثر معرفة وأوسع علما من الرموز التي يتمسك بها المتقوقعون في ظلمات كان.

فالذي يعرفه البشر اليوم لا يقارن بنزير ما كانوا يعرفونه، وبموجب ما توفر عندهم من المعلومات تفكروا وإجتهدوا، وربما صلحت منطلقاتهم لفترة زمنية عاشوها وربما لم تصلح، ولهذا إنتهى معظمهم إلى مصير أليم.

فكيف يُراد إستحضار ما لم يصلح في عصرهم وفرضه على عصر تجاوزهم بقرون عديدة؟!

هذه الآلية الفنائية التي يجري ترويجها ذات أغراض سيئة، وغايات خسرانية تستهدف الأمة وجوهر ذاتها وموضوعها، وتعدّها للقبول بالمسكنة والذل والهوان، فالذين يدعون إلى تمويتها وإخراجها من عصرها هم أشد أعدائها، والمعتدين على روحها وعقلها، والناكرين لدينها بإسم الدين الذي يتقنعون به، وما هو إلا أجندة لمحقها وسحقها ببعضها لكي يفوز أعداؤها، بهؤلاء المغرر بهم والمبرمجة رؤوسهم ونفوسهم على أنها تمثل الدين.

فليعلموا ويتيقن أسيادهم، أن الأمة فيها أعلم وأفهم من الذين يتمجّدون بهم ويرددون أقوالهم، ففيها أعلام موسوعيون في شتى ضروب المعارف والعلوم، وهم الأجدر والأحق بقيادة الأمة وتدبير أمورها وتحديد مساراتها من الذين في قبورهم رميم.

نعم إن في الأمة مشاعل فكرية ومعرفية وعلمية معاصرة تتفوق على الذين أنجبتهم منذ قرون، فلنستيقظ من هذا الهذيان المشين.

تحية لعلماء الأمة ومفكريها ومثقفيها الأفذاذ، وليندحر الذين يروّجون لضعفها وخوائها!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم