أقلام حرة

المفكرون لا يفكرون!!

صادق السامرائييؤلم ويحزن أن تتصفح ما أنتجه مفكروا الأمة على مدى أكثر من قرن فلا تجد فيه ما ينفع البناء والتقدم والرقاء، وتراهم يشتركون بذات الآليات الإقترابية الخالية من الموضوعية والواقعية ويمعنون بالتنظير والتحليل والتفسير، وينتهون إلى نظريات لا قيمة لها ولا دور في صناعة الحاضر وبناء المستقبل.

قد يقول معترض أن عملهم التفسير والتحليل، بل إنه تكسير وتدمير وتعطيل وتعضيل، فهل وجدتم مشكلة واحدة تناولها المفكرون وإنتهت إلى حل ناجع ومفيد؟

وربما يرى البعض الآخر أن مثل هذا الكلام هذربة وسفسطة، لأنهم يحسبون أنفسهم من المفكرين والذين يستطيعون التحليل والتبرير والتسويغ، ويقولون بأن ذلك فكر وما هو إلا إحتيال ومكر!!

فالذي يفسر ظاهرة ويفهمها ويشرحها بتحليلاته المعمقة عليه أن يصل إلى نتائج عملية، ويأتي بتوصيات واقعية فعالة ذات قدرة على التغيير والتأثير، أما أن يُقال أن ذلك ليس من واجب المفكرين، فهذا نفاق وتشويه وتهرب من المسؤولية.

والكثيرون يقولون أن التغيير يقوم به الساسة، أي أن الكرسي هو الذي يغير، وفي الواقع المعاصر لا توجد كراسي بلا مفكرين ومستشارين يتصدون للظواهر، ويقدمون المقترحات والتوصيات الكفيلة بالحلول المناسبة.

وموضوع فصل الفكر عن السياسة فرية إنطلت على أنظمة الحكم في دول الأمة، مما جعل الكراسي في عداء مع المفكرين في معظم دولنا، وهي غاية مرجوة لكي تتحقق الأطماع وتتأكد المصالح.

وبموجب ذلك فقد المفكرون دورهم، وتصوْمَعوا، فأصبحوا يكتبون وينظّرون لأنفسهم، وما ينتجونه لا يقترب منه القرّاء لأنهم تسرْبَلوا بالتعقيد والغموض، وفقدوا قدرات التعبير عن الفكرة بالكلمات البسيطة التي يستوعبها القارئ.

ولهذا فأن المفكرين قد فقدوا دورهم، وأضاعوا رسالتهم، وإندحروا في عزلتهم وتصوراتهم اللاواقعية، مما زاد من نفور الآخرين منهم، وإمعانهم بالتفاعل السلبي معهم.

والمطلوب قراءة واقعية وقدرة على تقديم الأفكار الواضحة الفاعلة الممكنة التحقق والتطبيق، بدلا من التفسيرات الطوباوية والإستنتاجات الهوائية، التي تحسب السراب ماءً.

فهل سنتفكر ونتدبر ونتعقل لننهض بأمة عليها أن تكون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم