أقلام حرة

بُركة التأخر ونهر التقدم!!

صادق السامرائيالتقدم نهر والتأخر بركة، والفرق بينهما كالفرق بين البركة والنهر.

التأخر يعني الركود والتأسن والتعفن، وتكاثر المخلوقات الضارة بالحياة، والتي لا تجد أمامها خيارا إلا أن تتصارع وتتقاتل وتعتاش على بعضها، لأن البركة ذات مصادر محدودة وثابتة أو متناقصة، والذي يسود  أن الموجودات التي تتفاعل فيها تكنز نزعة إنقراضية مستعرة فتفنى  بعد أن يجف ماء البركة، و يكشر عن عطشه قاعها الذي إنطمرت فيه أشلاء ما كان فيها.

فلا جديد في البركة إلا التناقص وفحيح الصولات الفتاكة المدمرة لمفردات الحياة ومناهجها البقائية.

وهذا ما يحصل في المجتمعات المتأخرة، التي تدين بقوانين الإستنقاع والتأسن، وتجهل معاني الجريان والتغير والتبدل، فكل ما فيها متوقف ومنقطع عن زمانه ومكانه، وينحشر في زوايا حادة تزداد إنغلاقا وإنطباقا على المدحوس فيها.

بينما المجتمعات المتقدمة تخضع لقوانين الجريان وتترجمها بأقصى ما تستطيعه من التسارع والتجدد والإبتكار والإبداع، فتراها في تواصلات متنوعة، وتفرعات متشعبة لإستيعاب دفق الجريان المتعاظم في أنهار أيامها.

ولهذا فهي نشطة متفائلة متراكظة نحو مستقبلها ومستثمرة في حاضرها، ومبدعة لأدواتها ومنطلقاتها الحضارية، المساهمة في بناء صرح الحياة الحرةالكريمة المستوعبة للملايين الوافدة إليها، بسلال أفكارها وأحمال رؤاها وتصوراتها، وما عندها من طاقات الخلق والإختراع.

أي أن المجتمعات المتقدمة تستوعب الحياة وتجددها، والمتأخرة تقاتل الحياة وترفضها، وهذا هو الفارق الجوهري ما بين البركة والنهر، وما بين التأخر والتقدم.

فهل سنعيش في النهر أم سنندثر في البركة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم