أقلام حرة

القطط السمان والمال السياسي تتصدر الأنتخابات المصرية ؟

محمد سعد عبداللطيفمفزع ما نراه اليوم من اكتساح عارم لرجال المال والاعمال في الانتخابات التشريعية المصرية في مجلسي الشيوخ والنواب .

بين سطوة المال وشهوة السلطة تأثير متبادل، تظهر أبرز تجلياته في عملية الاستطراق بينهما في حقل الحكم والسياسة. فالاستحواذ على أحدهما يغري بالبحث عن الآخر. ومن هذه الملاحظة خرجت المعادلة القديمة التي تقول بأن من يملك يحكم. والظاهر أن شهرة هذه المعادلة طغت على مشتقات أخرى يمكن استلهامها من الملاحظة ذاتها، مثل أن من يحكم لديه فرصة كبيرة في أن يملك..الحقيقة ان الامر يُبرز للوهلة الاولى افلاسا كبيرا لـ نخب وقيادات الاحزاب السياسية التي انكسرت امام عاصفة اسماء الحيتان الكبيرة التي تصدرت العناوين في مقابل غياب واسع للبرامج الريادية والافكار المبتكرة. وأصحاب الفكر والايدولوجات الاحزاب اليوم في استحقاق الانتقال الى مرحلة الحكم الدائمة رهاناتها كبيرة في نفس الوقت الذي تفتقد فيه بصفة جلية في اكثرها لقيادات ونخب تجمع بين الكفاءة والمصداقية والاشعاع الذي يضمن النجاح والفوز بالمقاعد المأمولة، كما انها تعاني من فقر واضح في البرامج الريادية والمقترحات الخلاقة التي تجذب المواطن وتنال رضاه واستحسانه زيادة على حاجة هذه الاحزاب للمال الذي تجده بسخاء لدى رجال المال والاعمال.

مفزع ما نراه اليوم من اكتساح عارم لرجال المال والاعمال وفي الحقيقة يعتبر زواج المال والسياسة زواجا.كاتوليكي فرضته حاجة الطرفين العميقة. كان ظهورة مع صرخات الكاتب صلاح الدين حافظ في الانتخابات التشريعية في مصر عام  1995، وصار واقعا معيشيا متغلغلا في الحياة الوطنية ازداد في الحدة مع الموعد الانتخابي التشريعي. لمجلسي الشيوخ  والنواب القطط السمان  تتبرع في صورة الحصول علي مقعد  لها في البرلمان  القادم  . 

الاحزاب وخاصة المتبنية للرؤيا الليبرالية وجدت ضالتها في رجال الاعمال الذين تتقاطع رؤيتها مع مشاريعهم الاقتصادية في الجوهر.

الواقع ان الحاجة والمصلحة مشتركة ورجال المال لا يمكن بحال ان يرعوا مصالحهم المشروعة وحتى غير المشروعة (وما اكثرها) دون نفوذ وسلطة سياسية، وهم ينقسمون في العادة الى صنفين، الاول يختار المساهمة المباشرة والتواجد في مواقع السلطة، والثاني يختار المساهمة غير المباشرة بطرق اخرى لكنها تحقق نفس الغايات وتضمن المركز الاقتصادي والاجتماعي.المال السياسي الفاسد (من الداخل او من الخارج) هو عدو الديمقراطية والشراكة الشعبية والتداول على الحكم والتعددية وعدو حقوق الانسان والحريات الاساسية الفردية والجماعية وعلى راسها حرية التعبير وايضا عدو القانون، وهو مصدر مصادرة ارادة الشعب وسلطة الشعب، وهو ما يقطع على الشعب تحقيق طموحه وتطلعه لنهضة شاملة اقتصادية وعلمية وتكنولوجية وثقافية، والمشكل يزداد خطورة في ظل اعلام في حزء كبير منه غير معني بالحقيقة بل اغلبه يدور في فلك المال السياسي الفاسد.

 

محمد سعد عبد اللطيف

 كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية

 

 

في المثقف اليوم