أقلام حرة

الدين يقتل الإبداع!!

صادق السامرائييبدو العنوان غريبا لكن وقائع السلوك البشري تؤكده، وتقدم البراهين والدلائل المتراكمة على أن الدين يقتل الإبداع!!

الدين، أي دين، هو قوة مناهضة للإبداع، ويخوّل لنفسه إقتلاعه وتكفيره ومحقه، بوحشية لا ندم بعدها، بل وكأنه سلوك يتمادى بقسوته وشراسته للتعبير عن قوة الإيمان بالدين.

خذوا أي دين وتصفحوا تأريخه، وستتكشف أمامكم أعماله المناهضة للإبداع والمكممة للعقول والأفواه، لأن الدين يشترط ما هو مُسْبَق، وعلى المنتمي لذلك الدين أن يرتب رؤيته وآليات تفاعله مع الحياة، وفقا للأطر المسبقة التي عليه أن يتخذها سبيلا ومنهجا.

والعقول التي فتك بها الدين لا تعد ولا تحصى، فلكي تقتل الآخر الذي لا يتوافق في بعض رؤاه مع سكة دينك وخرائط إيمانك، عليك أن تكفره، والتكفير سلوك بشع مارسته الأديان وقضت على الملايين من الأبرياء بموجبه وما نجم عنه من أضاليل ودجل وبهتان.

ولا يزال منهج التكفير يسود البشرية ويقتل منها المزيد  كل يوم، والتكفير بمعناه الجوهري أنك لا تؤمن بما أؤمن به، ولا ترى مثلما أرى، وكأن البشر برأس واحد وعقل واحد.

والدين يتمكن من خنق الإبداع ووأده وقتل الذين يبدعون، عندما يكون حصانا تمتطيه الكراسي وترفع راياته لقهر الناس وإستلابهم حرياتهم وحقوقهم، وذلك بتعويلها على المتاجرين بدين وهم بلا حياء ولا ذمة ولا ضمير ولا دين.

فالذين يتوهمون بأن الدين يحث على الإبداع وإعمال العقل لا يملكون أدلة عملية قوية، وسيواجهون عقبة الدين الكأداء، التي ستسحقهم وتمنعهم من الإفصاح عمّا تجيش به عقولهم من الأفكار المتفاعلة مع مفردات الحياة في زمانها ومكانها.

وفي ديننا قتلوا العشرات بل المئات من المبدعين والرموز البارزين في العلوم وذلك وفقا لمناهج الدين، ولهذا إنحطت الأمة من علياء وجودها المكين، إلى قيعان الواقع المهين.

فالأمم تتعزز قدراتها بمبدعيها، وعندما يخنق الدين الإبداع تموت الأمم، وتتحطم آليات بقائها ورقائها، وتنتهي إلى هشيم.

وأعداء أية أمة يعرفون أن القتل بالدين هو الأسهل للقضاء عليها، ولهذا يتخذون من الدين كسلوك سياسي ممثل بأحزاب وفئات وجماعات، لكي تعصف آليات الفتك بالإبداع في كيان الأمة حتى تتآكل وتتهاوى وتموت، وكأن الدين يمكن تحويله إلى آفة تنخر جوهر وجود أي أمة.

وهذا يفسر الدعم المطلق للتوجهات الدينية المسيسة في الأمم المستهدَفة.

فهل لنا أن نحرر الدين من مستنقعات الهوان والإذلال الفاعلة فيه بإسم الدين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم