أقلام حرة

المجتمع يعادي رموزه!!

صادق السامرائيمجتمعنا لا يصنع رموزه وإن وُلد رمز من رحم ذاته فأنه يعاديه ويقصيه ويسعى لقتله، ولهذا تخلو الساحة من الرموز المؤثرة في صناعة الحياة الطيبة.

والمجتمعات برموزها المتنوعة، وعندما ينتفي دورها فيها فأنها تضعف وتتآكل وتبيد، ولهذا البشرية تسعى لصناعة رموزها الأخلاقية والثقافية، وتعتز بها وتمضي على خطاها لكي تتحقق وتكون.

فالرمز دليل مسيرة ومشعل أجيال.

الرمز قوة تنير دروب المسيرة الوطنية وتمنح الأجيال المتوافدة هدفا واضحا وغاية مبينة، فتتمكن من تكوين رؤيتها ورسم خارطة صيرورتها، وعندما يكون الرمز حاضرا في وعي الأجيال وفهمها، فأنه يساهم في توقدها وإنصهار طاقاتها في بودقة الوطن للوصول إلى الهدف المنشود.

ولهذا فأن المجتمعات الحية المعاصرة تهتم برموزها وتؤسس لمنطلقاتهم ومعايرهم القيمية والأخلاقية، فتتكون بهم وتتواصل بإرادتهم المبثوثة في أعماق الناس المعاصرين.

ومن المجتمعات التي تهتم برموزها وتعزز دورهم، مصر ومن ثم لبنان، أما باقي دولنا فأن أكثرها طارد لرموزه، ويأتي في مقدمتها العراق وسوريا، فهاتان الدولتان لا تعزّان الرموز الوطنية بمواهبها المتعددة، وإنما يكون التوجه نحو الطرد والمحق والتنكيل بهم وتدمير دورهم وقيمتهم.

ففي العراق معظم الرموز تهاجر، وتموت في غربتها، ومن النادر أن تجد ما يؤكد قيمة الرمز وأهميته في صناعة الحياة الأفضل، مما تسبب بتداعيات مريرة وتفاعلات خطيرة ألقت بوجيعها على الأجيال، وهي في ذروتها المعاصرة التي أدّت إلى أن يتولى أمر البلاد والعباد مَن يجهلون  قيمة وحجم العراق.

فالرموز صورة لأوطانها، ومرآة لذات الوجود الوطني، وبغيابها، يعشعش في أركان الوطن كل خوّان ضئيل تابع ذليل، فاقد للرمزية والقدرة على صناعة حاضر مجيد.

فأين رموزنا المضيئة التي تنير دروبنا الداجية؟!!

وطن بلا رمز، بدن بلا رأس!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم