أقلام حرة

الأمين والمأمون ونكبة الهارون!!

صادق السامرائيالأمين والمأمون أكثر إثنين تم إعدادهما للقيادة وتربيتهما وتعليمهما وتثقيفهما.

إثنان من أعظم ما تم تأهيله من الخلفاء والسلاطين في تأريخ البشرية، إذ إستحضر هارون الرشيد لتربيتهما وتعليمهما جهابذة عصره من الفقهاء والعلماء واللغويين والشعراء، وكل  ذي علم وأدب ونبوغ في شأن.

فأعدّهما إعداد خبير حريص على دولة شاسعة الآفاق فائقة الإقتدار، ومن الذكاء ما قتل.

وارتكب هارون الرشيد خطيئته عندما كتب عهدته بالولاية من بعده للأمين ومن ثم للمأمون، وهما متقاربان في العمر، وتربيا وكأنهما توأم.

وفي تفاعلات الكراسي يخلع السلطان ولي عهده ويولي إبنه، وهو الجاري في سلوك البشر منذ الأزل، وحصل أن نقض الأمين العهدة وخلع أخاه وأوصى بالولاية لإبنه، فاندلعت مؤججات المأساة، وما آلت إليه الأمور والصراعات.

وبهذا فقدت الأمة حجما كبيرا من قدرتها وطاقتها في التعبير الحضاري الأمثل، ويبدو أن الأمور كان عليها أن تتخذ ذلك المسار الذي ركبته، فلا يمكن أن يكون على المُلك إثنان بذات القدرات والإمكانات، أي أن الرشيد قد أراد أن يتحقق ما لا يجوز أن يكون، وكان عليه أن يُعِدَ واحدا لا إثنين لولاية العهد.

قُتِلَ الأمين، وأظن المأمون قد عاش تأنيب ضمير طيلة فترة حكمه، فأعطى الخلافة لأخيه المعتصم ولم يولي إبنه.

وبرغم أن المأمون كان يتميز بثقافة عالية ويؤمن بالعقل وضرورة تفعيله، لكنه أخطأعندما تفاعل مع المعتزلة، وأطلق نكبة "خلق القرآن" التي أفجَعت الناس بوجيع مقيم تواصل حتى نهاية حكم الواثق.

فهل أن المأمون كان يعاني شدائد نفسية من تداعيات قتله لأخيه الأمين؟

وكيف الأحوال لو أن الأمين والمأمون قد تفاعلا بإيجابية لا بسلبية دامية؟

وهل أخطأ الرشيد فأصاب الأمة بمقتل؟!!

علينا أن نعتبر من التأريخ!!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم